لا تزال الموسيقى الاستثنائية التي أنجزها لمسلسل الشاعر السوري الراحل ''نزار قباني'' لمخرجه باسل الخطيب، عالقة بذاكرة كل من شاهد ذلك العمل الذي اعتبره النقاد أهم عمل أنجزته الدراما السورية إلى غاية الآن·· موسيقى تنفذ إلى أعماق الإنسان مثلما ينفذ العطر بين مسام الجلد·· إنه رضوان نصري الذي امتزج صوته بموسيقاه في هذا الحوار·· أنت تشارك في مهرجان خاص بالسينما في وقت يرى المتابعون أن الدراما السورية احتلت مكان ''الفن السابع'' وتحظى بدعم كبير·· للأسف هذا ما حدث فعلا·· فأغلب الأموال تصرف من أجل دعم الدراما السورية التي أصبحت تشهد انتعاشا وانتشارا منقطع النظير·· وذلك هو الحال في الجزائر، ولعل أهم عامل ساعد على هذا هو غياب دور العرض التي من شأنها أن توصل الفيلم إلى المشاهد وتساعد على التعريف به، ومادام الأمر كذلك فالسينمائيون أصبحوا لا يغامرون بإنجاز أعمال سينمائية لا ترى النور· من منطلق تجربتك·· كيف ترى دور الموسيقى التصويرية في الأعمال السينمائية والدرامية مقارنة بالسيناريو وغيرها من عناصر الفيلم؟ بكل تأكيد لا تقل أهمية·· بل لها دور هام جدا·· ودعيني أقول لك إننا الموسيقيون نساهم بنسبة كبيرة في نجاح أي عمل درامي أو سينمائي ونحن اليوم نراهن على قوة الموسيقى التصويرية·· وأجزم لك أنه لا يمكن لأي عمل سينمائي تحقيق النجاح دون أن تقترن مشاهده بموسيقى تصويرية تستقريء أفكاره وتزيد من تفاعل وانفعال المشاهد المتلقي، حيث أن لكل موسيقي حسه الخاص في ترجمة ملامح الشخصيات السينمائية والغوص في مكنوناتها النفسية وهواجسها·· فالموسيقى التصويرية هي مادة سمعية تلفت الانتباه أكثر من المادة البصرية·· ومع هذا لازلنا نحلم بالعالمية لأننا نفتقر إلى التقنيات العالية كالتي تملكها الدول الأوروبية·· فلو كنا نملك ربعها فقط ''صدقيني لست أبالغ''·· لسبقناهم ولتحولنا إلى مرجع موسيقي ينهل منه الأوروبيون والأمريكيون· كانت لك تجربة مع المخرجة الجزائرية نادية شيرابي·· حدثنا عنها؟ صحيح·· كانت تجربة رائعة جدا بل كانت فرصتي التي فتحت أمامي باب النجومية على مصراعيه عندما رشحتني المخرجة نادية شيرابي لأضع موسيقى فيلمها ''ما وراء المرآة'' فسخرت كل طاقتي الإبداعية حتى تمكنت من ضبط إيقاع فيلمها الذي شدتني قصته ولم تواجهني صعوبة في تأليف موسيقاه·· وأعتبر تجربتي معها أهم عمل ضمن الأعمال الموسيقية التي أنجزتها طيلة مسيرتي الفنية·· ولا يمكنك أن تتصوري كم خدمتني فنيا هذه التجربة التي أعتز بها كثيرا· كيف تنظر إلى المشهد السينمائي الجزائري؟ أنا مطلع عليه بكل تأكيد غير أنني أعتب على السينما الجزائرية كونها أصبحت ''سينما مهرجانات'' و''مناساباتية'' وأعرف أنها تواجه نفس المشاكل التي تعترض الحركية السينمائية في سوريا في ظل غياب التمويل الكافي ودور العرض، مما اختزل، إن لم أقل طمس الرؤية على المشهد السينمائي الجزائري بالنسبة لكلا البلدين·· فلا المشهد السينمائي الجزائري مفعل في سوريا ولا نظيره السوري كذلك· ما الذي يمنعك من تلحين الأغاني لفنانين عرب؟ مبادئي·· ألا يكفي هذا؟·· وقناعتي بتدني مستوى الأغنية العربية التي أصبحت مبتذلة وهابطة·· فأنا أفضل الابتعاد عن هذا العالم الذي يفرض تنازلات لا تتماشى مع شخصيتي كفنان ملتزم خاصة أن هؤلاء الفنانين يبحثون عن أغراض أخرى بعيدا عن الجودة والاستمرارية·· لذا فالموسيقى التصويرية بالنسبة لي هي أنقى حيز أفجر فيه طاقتي الإبداعية·