هزت التصريحات الجريئة لمرشح الرئاسيات الفرنسية إيمانويل ماكرون، الطبقة السياسية اليمينية المتطرفة في باريس، التي حاولت الاستثمار السياسي في اعترافه بجرائم فرنسا التاريخية تجاه الشعب الجزائري الذي عانى ويلاتها على مدار 132 سنة من حقبة الاستعمار . ولا يزال المرشح المفاجأة في الرئاسيات الفرنسية ايمانويل ماكرون يصنع الحدث السياسي على مستوى الطبقة السياسية والإعلام في باريس، بعد أن دعا بشجاعة إلى الاعتراف بالجرائم الفرنسية بالجزائر، ما حدا برموز التيار اليميني المتطرف إلى شن حملة منظمة عليه وعلى مواقفه، داعين إياه إلى التراجع عن التصريحات النارية التي أطلقها خلال الزيارة التي قادته مؤخرا إلى الجزائر. فقد قالت مرشحة اليمين المتطرف للرئاسيات الفرنسية نهاية الأسبوع : "هل هناك ما هو أسوأ- عندما تريد أن تكون رئيسا - من الذهاب للخارج واتهام البلاد التي تريد قيادتها بارتكاب جريمة ضد الإنسانية؟".وكان المرشح المستقل الذي تقف وراءه منظمات متمردة على واقع الطبقة السياسية الموصوم بالفساد، قال خلال زيارة قادته للجزائر : إن تاريخ فرنسا في الجزائر كان "جريمة ضد الإنسانية"، وهو التصريح الذي أثار زوبعة في باريس ورفض ماكرون التراجع عنه، بل إنه علق على حملة الانتقادات قائلا: "يجب أن تكون لدينا الشجاعة لتسمية الأشياء بمسمياتها.. هل نحن معاقبون بالعيش للأبد تحت ظلال تلك التجربة المؤلمة لبلدينا؟". قال فرانسوا فيون، مرشح المحافظين للرئاسة اليمين الوسط في خطاب بأحد مؤتمراته الانتخابية، "هذا الأستياء من تاريخنا.. هذا الندم المستمر.. ليس لائقا بمرشح لرئاسة الجمهورية"، لكن من حسن حظ ماكرون أن فضائح مرشح اليمين الوسط تتطاير كما مفعول العواصف، فقد فجرت فضيحة التوظيف الوهمي لزوجته و إبنيه نقاشا ساخنا وسط الطبقة السياسية الفرنسية التي يعتبرها المرشح ماكرون غير فعالة ولا شعبية، في الوقت التي أعلنت فيه هيئة قضائية مالية عن متابعة التحقيق في ما يثار بشأن المرشح الرئاسي فرانسوا فيون.جرأة إيمانويل ماكرون أعادت ملف الجرائم الفرنسية إبان الفترة الاستعمارية إلى واجهة الأحداث السياسية عشية الاستحقاقات الرئاسية الفرنسية في أفريل القادم والتشريعيات في الجزائر مطلع شهر ماي، غير أن أسئلة لا تزال بحاجة لإجابات واضحة من لدن الفرنسيين، هل الطبقة السيساية في باريس مستعدة للتخلي عن شريط الأحلام والتعاطي بإيجابية مع ملف التاريخ بين الجزائر و فرنسا؟ أم أن الأمر مجرد نزوة انتخابية عابرة لن تجد لها مكانا في ظل ملفات فرنسية داخلية أكثر استقطابا لجمهور الناخبين ؟ لقد جاء فرانسوا هولاند إلى الجزائر قبل نحو خمس سنوات حاملا معه إرث الاشتراكيين، يريد تسويقه للجزائريين عير البرلمان بغرفتيه، لكن تبين بعد ذلك أن الخطاب الاشتراكي في التعاطي مع أطروحة تاريخية معقدة مثل الاستعمار الفرنسي للجزائر لا يمكن معالجته بخطابات بلا سند عملي تترجمه القرارات التي يمكن أن تعطي للخطاب قوة ومناعة سياسية. فهل ستدخل فرنسا عهدا جديدا مع الجزائر، إن فاز ماكرون بالرئاسة؟