تباينت مواقف الأحزاب السياسية من الخطوات الأخيرة التي أعلن عنها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في مجلس الوزراء الأخير، والمتعلقة بإعداد مشروع قانون لرفع حالة الطوارئ في الجزائر بعد تسع عشرة سنة على فرضها، وكذا أمره وسائل الإعلام الثقيلة بتغطية نشاطات الأحزاب المعتمدة في الجزائر، بين مثمن لها وبين داع إلى مزيد من الإصلاحات. حمس تثمّن وتطالب بالمزيد حركة مجتمع السلم وهي أحد أحزاب التحالف الرئاسي، ثمنت الخطوة المرحلية الهامة التي أعلنها الرئيس بوتفليقة. وطالبت الحركة في بيان تلقت ''البلاد'' نسخة منه السلطة بتهيئة الأجواء المناسبة لحياة طبيعية لجميع المواطنين عبر كافة ولايات التراب الوطني، في إشارة إلى عدم استثناء العاصمة من قرار السماح بالمسيرات بما ينعكس إيجابا على الحياة السياسية والحريات وحقوق الإنسان. واقترحت حمس القيام بإجراءات أخرى هي في نظر المتتبعين للشأن السياسي امتداد طبيعي لرفع حالة الطوارئ تفاديا لإفراغ المسعى من جوهره على غرار الدعوة إلى خطوات إضافية في مسار الإصلاحات الشاملة وتحديث مختلف القوانين الناظمة للعلاقات السياسية وعلى رأسها قانون الأحزاب والانتخابات والبلدية والولاية وغيرها من القوانين ذات العلاقة بالإعلام وفتح مجال السمعي البصري.
الإصلاح.. تخشى الغموض أما حركة الإصلاح الوطني فقد أكدت في بيان لها أمس، أن صيغة القرار يكتنفها الغموض خاصة أن مشروع رفع حالة الطوارئ يستثني العاصمة التي بقيت حسب بيان مجلس الوزراء تحت طائلة الحظر من المسيرات، فيما وصف الحركة المبررات المقدمة في ذلك بأنها ''غير مقنعة لأحد''، ودعت السلطة إلى ما وصفته تدقيق المواقف بما يضفي عليها مزيدا من الوضوح وذلك من خلال إعلان رفع حالة الطوارئ في غضون شهر دون استثناء للعاصمة. وانتقلت الإصلاح الى إبراز موقفها من مسعى الانفتاح الإعلامي الثقيل على نشاطات الأحزاب السياسية معتبرة ذلك إقرارا ضمنيا بأن مؤسسة التلفزيون كانت تمارس الإقصاء والإغلاق إلا على الأحزاب الثلاثة زائد واحد، في إشارة الى أحزاب التحالف وحزب العمال. كما طالبت الإصلاح السلطة بضرورة عدم الاقتصار على تغطية النشاطات ودعت إلى ضرورة إفساح المجال أمام الأحزاب السياسية للتعبير عن مواقفها وتمكين الجزائريين من الاطلاع على رؤاها وبرامها وذلك من خلال تنظيم ندوات ومناظرات كل ذلك إسهاما تقول الإصلاح لبناء دولة القانون والحقوق والعدالة. ''الأفافاس'' يعتبر الخطوة ''مؤشرا إيجابيا'' وغير بعيد عن الإصلاح وحمس فإن الأفافاس وعلى الرغم من مواقفه المعارضة، إلا أنه فضل اعتبار التحضير لرفع حالة الطوارئ ''مؤشرا إيجابيا'' من السلطة، إلا أن هذا الموقف لم يثنه هو الآخر عن إبداء تخوفات من الوضع الحالي. وأكد بيان لحزب جبهة القوى الاشتراكية صدر أمس أن الظرف الراهن لم يعد يسمح إلا بالذهاب نحو الديمقراطية ودولة القانون في إطار إصلاحات شاملة وعميقة وسلمية. أما حزب العمال ففضل التكتم على موقفه إلى غاية اليوم حيث يعتزم الحزب تنظيم تجمع في العاصمة، حيث ستبرز حنون موقفها من الإجراءات المعلنة في مجلس الوزراء. ''النهضة'' تثمن ولكن..! من جهته، اعتبر الأمين العام لحركة النهضة، فاتح ربيعي، الإجراءات المتخذة من قبل الرئيس بوتفليقة بالجيدة لكنها تبقى منقوصة، داعيا الرئيس إلى عدم الالتفات إلى أصوات عدد من المسؤولين في الجهاز التنفيذي. وقال ربيعي للصحافة، على هامش اجتماع مجلس شورى الحركة الاستثنائي، إن ما قام به الرئيس بوتفليقة من إجراءات وبالخصوص دعوته إلى رفع حالة الطوارئ في الآجال القريبة هو ''إجراء جيد'' يدخل في إطار مطالبات الحركة التي تؤكد أن مسببات حالة الطوارئ غير موجودة في الجزائر. وسأل ربيعي عن قراءته لتصريحات نائب الوزير الأول يزيد زرهوني يوم الأربعاء أن الجزائر لن ترفع حالة الطوارئ، وهي التصريحات التي نقضها الرئيس بوتفليقة بعد 24 ساعة فقط، قائلا ''بعض الأشخاص في الجهاز التنفيذي يقدمون لنا قرارات للأوضاع مستفزة للشعب كأن يقولوا إن حالة الطوارئ لم تعق العمل السياسي وإن المشاكل في الجزائر ومطالب الجزائريين اجتماعية واقتصادية وليست سياسية''، مضيفا ''نحن نرد عليهم بأن المشكل سياسي وفي القائمين عليه وندعو الرئيس إلى عدم الالتفات إلى هذه الأصوات والتوجه إلى مطالب الشعب وفتح الحوار مع الطبقة السياسية''. ويضيف ربيعي في السياق ذاته قوله ''نريد ألا تبقى السلطة منفردة بالقرارات وأن تفتح الحوار مع الجميع لبلورة تصوره للإصطلاح السياسي الذي يعيد للعملية السياسية رونقها''. وسجل ربيعي في كلمته على أعضاء مجلس الشورى، أن مؤسسات الدولة عاجزة عن التكفل بمشاكل المواطن بسبب فشل السياسات وفساد القائمين، كما أن سياسة الإغلاق الإعلامي والتهميش السياسي قد جعل التعددية الحزبية مجرد ديكور. وعبر ربيعي عن انزعاج بالغ حيال الفساد الكمالي وعدم جدية السلطة في معالجته، على حدج تعبيره، ليحمل أحزاب التحالف المسؤولية باعتبارها المسؤولة عن الجهاز التنفيذي. وأبدت الحركة بحسب أمينها العام استعدادها للمساهمة فيما أسماه ''حوارا جديا'' يؤمن الجبهة الاجتماعية ويعيد لثقة في العملية السياسية ويقدم حلولا تعالج المشكلات. واشنطن تشيد بالقرار وتصفه ب''الإيجابي'' وعلى الصعيد الدولي، أشادت الولاياتالمتحدةالأمريكية بالقرار الذي اتخذه الرئيس بوتفليقة لرفع حالة الطوارئ في الجزائر، واصفة إياه بأنه ''تقدم إيجابي''. وفي لقائه الصحفي أمس أشار الناطق باسم كتابة الدولة الأمريكية فليب كراولي بواشنطن أن الولاياتالمتحدة ''رحبت'' بهذا القرار واعتبرت أنه يشكل ''تقدما إيجابيا''. ويرى المسؤول الأمريكي أن القرار الذي اتخذته الجزائر ''هام'' ويعكس ''ديناميكية بارزة في المنطقة للاستجابة لمطالب الشعوب''.