فجّر أمس مئات البطالين ببلدية البوني أحداث عنف وشغب هي الأخطر منذ اندلاع الحركات الاحتجاجية في الفترة الأخيرة بعنابة، ولم يكتف الشباب البطال الذي كان في حالة هستيرية بأعمال التخريب التي طالت أجزاء واسعة من مقر البلدية والممتلكات العمومية والخاصة، بل اجتاح العشرات منهم مكتب رئيس البلدية وحاولوا ذبحه بعد إسقاطه أرضا ووضع السكين على رقبته وإرغامه على تحرير الاستقالة تحت طائلة التهديد. وقد نجحت قوات مكافحة الشغب التي تدخلت في الوقت المناسب وحررت ''المير'' من قبضة المحتجين واعتقلت 25 شخصا تم اقتيادهم لمقر الأمن الولائي للتحقيق معهم في هذه السابقة. البطالون الذين ينحدرون من الأحياء الشعبية لسيدي سالم، بوخضرة، بيداري، السرول وبوزعرورة قصدوا مقر البلدية للمطالبة بالحصول على عقود الإدماج المهني وفق السياسة التي سطرتها السلطات المحلية لولاية عنابة، لكن الأمور انزلقت في حدود الساعة العاشرة، حيث أقدم المئات من الشبان الذين كانوا مجتمعين أمام مقر البلدية على تحطيم البوابة الرئيسية ومهاجمة الموظفين الذين كانوا يزاولون عملهم في مكاتبهم، وذلك برشق الواجهات الزجاجية بالحجارة، قبل أن تتطور الأوضاع باندلاع أعمال عنف وشغب وتخريب على مستوى المكاتب وسط حالة من الذعر والفزع في أوساط الموظفين الذين سارعوا إلى مغادرة مكاتبهم هروبا من حالات الاعتداء الجسدي، بينما أقدم العشرات من المحتجين على مهاجمة مكتب رئيس البلدية، وإشهار سكاكين وأسلحة بيضاء في محاولة لإرغامه على ترك منصبه، مع التلفظ بكلمات جارحة في حقه، من دون تسجيل أي حالة اعتداء عليه في الساعات الأولى لبداية الاحتجاج قبل أن تنزلق الأوضاع إلى حد نجاته من عملية تصفية جسدية. وهي الحادثة التي دفعت بالمير غلى الإستعانة بالقوة العمومية و تقديم شكوى رسمية إلى الجهات الأمنية ضد بعض الشبان، مع إخطار والي الولاية بالهجوم التي إستهدفه شخصيا من طرف العشرات من البطالين. هذا و قد أعلنت قوات مكافحة الشغب حالة طوارئ قصوى، لأن المحتجين أقدموا على رشق السيارات و العشرات من المارة بوابل من الحجارة، في حين حاول البعض الأخر تصعيد الوضع بقطع الطريق و إضرام النيران في العجلات المطاطية، لكن التدخل السريع لوحدات الأمن مكّن من التحكم في زمام الأمور، حيث تم إستعمال القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين من محيط البلدية، بينما عمد البطالون المحتجون إلى الساحة العمومية بوسط مدينة البوني أين قاموا بأعمال تخريب طالت أعمدة الإنارة العمومية،و تعرض العشرات من المارة و موظفي البلدية لجروح خفيفة استدعت نقلهم إلى المؤسسة الإستشفائية، وهي العمليات التي أثارت سخط سكان البوني مركز، الذين دخلوا في مشادات مع المتظاهرين القادمين من أحياء مجاورة، مطالبين إياهم بضرورة مغادرة مركز البلدية والتوقف الفوري عن أعمال التخريب التي طالت الإنارة العمومية ومقر البلدية، في الوقت الذي شنت فيه قوات مكافحة الشغب حملة إعتقالات في أوساط المحتجين، حيث ذكرت مصادر أولية أن الجهات الأمنية أوقفت 25 شابا تتراوح أعمارهم ما بين 22 و34 سنة، وقد تم اقتيادهم إلى مقر أمن الدائرة حيث تم تحرير محاضر سماع ضدهم، قبل إطلاق سراحهم. إلى ذلك فقد عاد الهدوء إلى بلدية البوني في الفترة المسائية ليوم أمس. بعد نجاح وحدات التدخل السريع من التحكم كلية في الوضع، رغم أن قوات الأمن ظلت مرابطة بمحيط مقر البلدية خوفا من أي انزلاقات جديدة، في حين أكد رئيس البلدية يوسف ليتيم في اتصال هاتفي مع ''البلاد'' تعرضه لهجوم من طرف مجموعة من الشبان أثناء تواجده بمكتبه، ومحاولة إرغامه على تحرير استقالته فورا تحت طائلة التهديد باستعمال أسلحة بيضاء، كما أن هذه المجموعة أكدت للمير بأنها كانت بصدد مراقبة تحركات المسؤول الأول عن الهيئة التنفيذية للبلدية. على صعيد آخر ذكرت مصادر متطابقة أن والي عنابة قرر إيفاد لجنة ولائية إلى بلدية البوني للتحقيق في سبب اندلاع أعمال العنف والتخريب، لأن مصالح الولاية كانت قد حسمت في قضية عقود الإدماج المهني، وذلك بإحالة بطالي كل بلدية إلى البلديات التي يقيمون فيها لإيداع ملفاتهم الإدارية، قبل النظر فيها على مستوى اللجنة الولائية، فضلا عن كون بلدية البوني كانت قد عمدت إلى تنصيب خلية إصغاء تتكفل باستقبال البطالين يوميا على مستوى ساحة مقر البلدية وتقديم التوضيحات اللازمة بشأن عملية الإدماج المهني.