يعود الباحثان ميلود زنكري ومومني إسماعيل في كتابهما ''الأبعاد الحضارية والفنية للنظرية الاقتصادية في فكر مالك بن نبي'' الصادر عن المجلس الأعلى للغة العربية، إلى تحليل فلسفة المفكر الجزائري الراحل في مجالات ''الاقتصاد الإسلامي''، من خلال دراسة علمية موزعة على أربعة فصول، تطرقا من خلالها إلى مؤلفات بن نبي، وإبراز مدى مساهمته في استحداث نظرية اقتصادية إسلامية فعالة صالحة لكل الأزمان. ويوضح الباحثان أن الهدف من هذه الدراسة هو تجلية الفكر الاقتصادي للمفكر مالك بن نبي، ومرجعيته الفكرية والبيئة الاجتماعية، إلى جانب عرض موقع الفكر الاقتصادي في كتاباته، وتوضيح الخطة التي وضعها من أجل النهوض باقتصاديات العالم الثالث الذي لا تستثنى منه الأمة الإسلامية، باعتبار أن ما أصابها من اختلالات، مس جميع الجوانب وعلى رأسها المجال الاقتصادي الذي حال دون لحاقها بمصاف الدول المتقدمة، ووقوفها عاجزة عن مواجهة هذا المشكل، إضافة إلى ترسيخ هذه المبادئ؛ والدعوة إلى تبني مثل هذه الأفكار والنظريات ، وتطبيقها على الواقع الاقتصادي بالشكل الذي يتيح لها استغلال مواردها وثرواتها البشرية. ويتعرض الباحثان بالتحليل والشرح لمبادئ النظامين الاشتراكي والرأسمالي اللذان يعتبرانه يتعارض، حسب أفكار مالك بن نبي، مع ما تمليه الحياة الإسلامية، منتقدين الاقتصاديين في العالم الإسلامي في محاولتهم ''تركيب روح إسلامية على جسم يرفضها وترفضه''. كما تناولا عناصر الحركة الاقتصادية على المستوى الحضاري أو ما يعرف ب''الأبعاد الحضارية لعلم الاقتصاد'' التي تعتبر قاعدة انطلاق لكل عملية اقتصادية توجب على الشعوب ''المتخلفة'' تداركها، مسلطين الضوء في ذلك على العامل الإنساني الذي اعتبراه المسبب في عملية التنمية والبناء الاقتصادي التي لا تقتصر في فكر مالك بن نبي، على وسائل الإنتاج والإطارات الفنية والأموال، فحسب، وإنما تتجاوزها إلى الأبعاد الإنسانية والعقائدية والروحية والتربوية والسياسية والفكرية. من جهة أخرى، عرض الباحثان الجوانب الفنية التطبيقية للحركة الاقتصادية التي تضاف إلى الجوانب المساهمة في الخروج من دائرة التخلف الاقتصادي على المستويين الداخلي والخارجي، مركزين على شروط الانطلاق الاقتصادي.