تعيش الأغلبية الرئاسية بالمجلس الشعبي الوطني، أسوء أيامها، بعد الخلافات التي ظهرت للعلن بمناسبة مناقشة مشروع النظام الداخلي للمجلس، حيث يبدو التصدع واضحا بين مختلف التشكيلات السياسية، بخصوص المادة المحددة لكيفية حساب التمثيل في هياكل المجلس الشعبي الوطني وأيضا البعثات الدبلوماسية. اجتمع يوم الثلاثاء الماضي، مساء، رؤساء المجموعات البرلمانية للأغلبية الرئاسية، لدراسة الأمور المتعلقة بالانسداد الحاصل في المجلس بمناسبة مناقشة مشروع النظام الداخلي، حيث لم تتوصل الأغلبية البرلمانية لاتفاق، وبقي التجمع الوطني الديمقراطي، حسب ما بلغ "البلاد"، متصلبا في موقفه بخصوص كيفية احتساب التمثيل النسبي، حيث رفض احتسابه على العدد الإجمالي للنواب والبالغ 462 نائبا، داعيا لضرورة تمرير ما تم الاعتماد عليه بداية العهدة الحالية، حيث تم احتسابها على عدد النواب المنتمين لكتلة برلمانية وعددهم 411 نائب فقط، ما يعني أنه تم إقصاء 51 نائبا. في حين دعت كتلة تجمع أمل الجزائر "تاج" إلى الاعتماد على كل عدد النواب وليس العكس، وكانت مجموعة "الأفلان" مرنة بالنسبة لهذه النقطة. ولم يتوقف الخلاف بين الأغلبية الرئاسية في هذه النقطة، بل امتد إلى المادة المتعلقة بالدبلوماسية البرلمانية، وهذا بالتحديد بين حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، حيث يظهر التنافس الشديد في هذا المجال، ما جعل البعض يتهم رئيس المجلس، السعيد بوحجة، بالانقلاب على "الإنجازات" التي حققها الحزب العتيد، سنة 1997 وهو في أسوء أحواله، وهو ما اعتبر أنه "يخدم الأرندي أكثر" الذي خسر هذا الأمر سنة 97 وهو في أوج قوته داخل المجلس الشعبي الوطني. وكانت المادة 21 من القانون الداخلي للمجلس، محل الخلاف، تنص على أنه "يتم تشكيل وإرسال الوفود البرلمانية وكذا استقبال الوفود البرلمانية الأجنبية بالتنسيق بين رئيس المجلس الشعبي الوطني ورئيس اللجنة ورؤساء المجموعات البرلمانية"، ويسعى بوحجة حسب خصومه إلى أن يجعل من هذه المادة التي ستصبح في القانون الداخلي الجديد وهي المادة 29 تكون صياغتها كالتالي "يتم تشكيل وإرسال الوفود البرلمانية الأجنبية من قبل رئيس المجلس الشعبي الوطني باستشارة رئيس اللجنة ورؤساء المجموعات البرلمانية"، وهو الأمر الذي زاد الشرخ بين الأغلبية الرئاسية، حيث يتهم الذي يرفضون اختصار العمل النيابي في التمثيل الدبلوماسي بأنهم يريدون أن يحولوا الهيئة التشريعية إلى ما يشبه "ديوان أو وكالة للسياحة والاسفار". ويبدو أن الخلافات التي ظهرت بين الأغلبية الرئاسية، ستؤجل التصويت على المشروع، إلى غاية التوصل إلى اتفاق، لن يكون إلا بإلقاء رؤساء الأحزاب المعنية بثقلهم في هذا المجال، وإن تم حل الإشكال قبل 4 جوان القادم، موعد المصادقة، فإن المجلس الدستوري سيكون له رأي في النص، تطبيقا للمادة 186 من الدستور الفقرة الثالثة التي تنص صراحة "كما يَفصِل المجلس الدّستوريّ في مطابقة النّظام الدّاخليّ لكلّ من غرفتي البرلمان للدّستور، حسب الإجراءات المذكورة في الفقرة السّابقة".