تحتضن فرنسا منتصف الشهر الجاري بمنطقة ''لا الوار'' ملتقى حول شخصية الأمير عبد القادر تحت عنوان مثير ''عبد القادر المسلم.. والماسوني''، وبإشراف مباشر من ''في أرسيزات'' أحد زعماء الخلايا الماسونية لما يسمى ''الشرق الكبير'' في فرنسا، إذ من المقرر أن يشارك عميد مسجد باريس دليل بو بكر الذي كلف بإلقاء محاضرات حول شخص الأمير عبد القادر ولكن دون الخروج عن ثنائية ''المسلم الماسوني''. على سبيل تأكيد هذه التهمة والجزم بها رغم الشواهد التاريخية التي تنكر هذا الأمر وتنفي عنه انخراطه في خلايا الماسونية، فضلا عن المغالطة الكبيرة في المفاهيم المسوقة من الجهة الفرنسية التي تظمت الملتقى وأقلها سكوتهم عن التباين الكبير والاختلاف الشاسع بين الماسونية في عهد مؤسس الدولة الجزائرية الأمير عبد القادر من حيث اعتبارها فكرة يمكن استحسانها لما كانت تقوم عليه من مبادئ وأفكار وبين ما آلت إليه بعد وفاة الأمير وطرأ عليها من تحول كبير جعلها أحد التنظيمات الخطيرة والهدامة في العالم. وبرأي المختصين في تاريخ الأمير عبد القادر، على غرار الوزير السابق للشؤون الدينية البروفيسور محمد برضوان الذي قال في اتصال مع ''البلاد''، ''إن شخصية الأمير عبد القادر مازالت تزعج الكثير من الدوائر وبالأخص الفرنسية منها''، مفسرا هذا بالحقد الذي تكنه الدوائر الثقافية والتاريخية في باريس لطبع المقاومة لدى الجزائريين والمقاومة عند الأمير عبد القادر تحديدا الذي يعد باني الدولة الجزائرية الحديثة، مضيفا أن الترويج لما سماه ''أكذوبة'' انتماء الأمير عبد القادر إلى الماسونية هدفه إيهام الرأي العام الوطني والعربي وحتى العالمي بأن ذلك الرجل المقاوم الشرس للاستعمار الفرنسي كان منتميا إلى أحد التنظيمات العالمية المشبوهة في إشارة إلى ''الماسونية''. وأكد برضوان أن المؤرخ الفرنسي الذي روج لهذا الطرح تراجع في أواخر حياته عما سبق أن سوق له بهذا الخصوص، مؤكدا أن الفرنسيين لا يترددون في تشويه صورة رموز العالم الإسلامي ورموز المقاومة ومنهم الأمير عبد القادر وبالأخص الجانب الحضاري لديه، وذلك استهدافا لقطع صلة الانتماء بين الأجيال الحالية وأسلافهم. من جهته، نفى كمال بوشامة الوزير السابق للشباب والرياضة وسفير الجزائر في سوريا وصاحب كتاب ''جزائريو الشام''، انتماء الأمير عبد القادر إلى الماسونية وقال إن رده على مراسالاتهم لا يرقى إلى الجزم بانتمائه إليهم. وعاد الوزير إلى ملاحظة أن التاريخ لا ينبغي أن يقرأ بلغة الحاضر، مشيرا الى أن الماسونية في عهد الأمير عبد القادر ليست ماسونية اليوم ولا ماسونية العقود الماضية.