مراقبون يتوقعون توسيع قنوات الاتصال لإدراج شخصيات "توافقية" أخرى البلاد - بهاء الدين.م - أكّدت مصادر عليمة أن مشاورات تشكيل "فريق الحوار الوطني" ستنطلق هذا الأسبوع، بغرض إعطاء إشارة انطلاق العملية السياسية لاحتواء الأزمة الراهنة. وتتوخى رئاسة الدولة من خلال هذه "المشاورات" فسح المجال لإجراءات تهدئة بين كل الأطراف الفاعلة سواء في السلطة أو المعارضة بمختلف أطيافها الحزبية والمجتمع المدني بكل مكوناته. ورغم أن بيان رئاسة الجمهورية، أعلن ترحيبه باقتراح "منتدى المجتمع المدني للتغيير" لشخصيات وطنية ستقود مسار الحوار تحضيرا للانتخابات الرئاسية، إلا أنها تريثت في القيام "بتزكية مباشرة للتشكيلة المقترحة" وأكّدت نيتها "فتح باب مشاورات جديدة مع كل الأطراف لتشكيل هذا الفريق الذي "سيعلن عن تركيبته قريبا". ورغم هذا الموقف طرح التجاوب السريع للسلطة مع مبادرة المجتمع المدني، تساؤلات وشكوك من قبل عدة أطراف حزبية. فهل تتمكن السلطة عن طريق "مشاوراتها" المرتقبة من تبديد مخاوف المشككين؟. واضطر رئيس المنتدى الوطني للتغيير، عبدالرحمن عرعار، إلى تقديم توضيحات للرأي العام، الخميس المنقضي، حول الشخصيات التي أدرجت في لائحة الرموز التي اقترحها التنظيم لقيادة الحوار الوطني، وذلك بعد اللغط الذي أثاره موقف المناضلة التاريخية جميلة بوحيرد، التي صرحت بأنها "لم تُستشر في المسألة"، وأنها ترفض"أي خطوة يشارك فيها من ساهموا في بناء هذا النظام". وقال رئيس حزب الفجر الجديد، الطاهر بن بعيبش، إن الجميع يبحث عن تفسيرات لنوايا السلطة الحاكمة إزاء احترام مطالب الشارع، واصفًا تآخر الإعلان عن الهيئة المستقلة المُكلفة بإدارة الحوار الوطني، وعدم الاستجابة لدعوات رحيل الحكومة المعينة من طرف بوتفليقة الذي غادر الحكم في الثاني من أفريل الماضي، بالأمر "الغريب". وحسب مصدر قيادي من جبهة العدالة والتنمية الذي يقوده عبد الله جاب الله، فإن "توافق الجزائريين على الشخصيات المستقلة وعلى اللجنة التي ستشرف على تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة ومراجعة قانون الانتخابات وإقناع الملايين في الشارع بالتوجه إلى صناديق الاقتراع، يتطلب وقتًا، وهو ما يتطلب مباشرة الحوار حالًا". وبالمقابل عبّر الباحث في العلوم السياسية، جلال مناد، عن استغرابه من الاستمرار في التمسك بالوزير الأول نور الدين بدوي، وكأن هناك إرادة ورغبة سياسية لفعل ذلك"، مشيرا في هذا السياق إلى أننا "قد نتفهم بقاء عبد القادر بن صالح، على رأس الدولة لفترة انتقالية، لتفادي الفراغ الدستوري، لكن بقاء بدوي ليس له أي معنى، وهو المعين من طرف الرئيس السابق والمتهم بتزوير الاستمارات".
توسيع باب المشاورات ويتوقع مراقبون أن "تشمل المشاورات المنتظرة هذا الأسبوع شخصيات وطنية أخرى لم يرد اسمها ضمن القائمة المقترحة وكذا فتح قنوات اتصال مع الأحزاب لأخذ رأيها حول بعض الأسماء في سبيل الوصول إلى أكبر قدر ممكن من التوافق والقبول". وأبدت أغلب الشخصيات المقترحة لحد الآن استعدادها لإدارة الحوار الوطني، معلنة موافقتها المبدئية للقيام بهذه المهمة، شريطة أن تبادر السلطة ب«إجراءات تهدئة لزرع الثقة" وتوفير جملة من الشروط، أهمها "رحيل رموز النظام وإطلاق سراح المساجين السياسيين ومعتقلي الرأي وفتح الفضاء العام ووسائل الإعلام المختلفة أمام جميع الآراء والتوجهات بكل حرية" وغيرها. وإذ رحبت عدة أطراف بالمبادرة واعتبرتها خطوة إيجابية في طريق الخروج من الأزمة، ما تزال مواقف الطبقة السياسية متحفظة، ويكون غياب رموزها في الهيئة المقترحة سبب عدم تحمسها، خاصة وأن الطابع المستقل والمتنوع للشخصيات المقترحة، هو السمة الغالبة على لائحة منتدى التغيير المدني. وكان المنتدى قد كشف عن قائمة تضم شخصيات وطنية وسياسيين وأكاديميين وممثلين عن المجتمع المدني، مرشحين للاضطلاع بدور الوساطة وخلق جومن "الثقة والتهدئة"، بغية العمل على إيجاد حلول للخروج من الازمة التي تمر بها الجزائر ومن بين هؤلاء، المحامي مصطفى بوشاشي والخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو والأكاديميين ناصر جابي واسماعيل لالماس وإسلام بن عطية، وكذا النقابي الياس مرابط والناشطة الجمعوية نفيسة لحرش والحقوقية عائشة زيناي. كما ضمت القائمة أسماء أخرى لها وزنها التاريخي ورصيدها السياسي على غرار المجاهدة جميلة بوحيرد ووزير الخارجية الأسبق والدبلوماسي أحمد طالب الابراهيمي ورئيسي الحكومة السابقين مولود حمروش ومقداد سيفي، بالإضافة الى رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق كريم يونس. واعتبر بن صالح الشخصيات المقترحة "مؤهلة تماما لأداء هذه المهمة النبيلة"، مستندا في ذلك إلى توفرها على شروط المصداقية والاستقلالية وعدم الانتماء الحزبي وابتعادها عن الطموحات الانتخابية، فضلا عن تميزها بالشرعية التاريخية والسياسية والاجتماعية والمهنية، شريطة أن تبدي استعدادا لذلك. وانطلاقا من كل ذلك، أشار رئيس الدولة إلى أنه سيتم فتح مشاورات لتشكيل هذا الفريق الذي "سيعلن عن تركيبته النهائية قريبا"، مشيدا بهذه الخطوة "المحمودة" التي تبناها المنتدى والتي يقدم من خلالها "إسهاما ملموسا في إطلاق حوار صادق وبناء". ويظل هذا الحوار، حسب رئيس الدولة، "السبيل الأوحد لبناء توافق مثمر على أوسع نطاق ممكن، من شأنه توفير الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، انتخابات تكون وحدها الكفيلة بتمكين البلاد من مباشرة الإصلاحات التي هي في أمس الحاجة إليها".