البلاد - زهية رافع - تجتاز الحكومة الجديدة، في غضون الأسابيع القادمة، أول اختبار لها تحت قبة الغرفة السفلى للبرلمان، بعرضها مخطط عملها الذي سيُقدم للمناقشة على النواب في جلسة عامة، يَستعرض فيها الوزير الأول، عبد العزيز جراد، الخطوط العريضة لبرنامجه، وسط حالة ترقب للإجراءات التي سيتخذها طاقمه، والقرارات التي سيَحتكم إليها في الخروج من الأزمة، التي تعيشها البلاد بعد تآكل مداخليها. سيكون الوافد الجديد على قصر الدكتور سعدان، رفقة طاقه الحكومي، أمام أول مواجهة له مع البرلمان بعد مصادقة مجلس الوزراء على مخطط عمل الحكومة. وحسب المنطق، فإن الحكومة الجديدة التي استملت مهامها أمس الأول، ستكون تحت ضغط إعداد مخطط عملها بما يتوافق مع تجسيد البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والمحاور التي أعدها خلال اجتماعه الأول مع جهازه التنفيذي. وقد حرص رئيس الجمهورية آنذاك، التأكيد على الطابع الاستعجالي الذي يفرضه الظرف الحالي، سواء في الجانب السياسي أو الاجتماعي والاقتصادي على وجه الخصوص، مما يضع الحكومة أمام حتمية ضبط التدابير وإعداد خارطة طريقها في أقرب الآجال، تحسبا للانطلاق الرسمي في تجسيد برنامج الرئيس، الذي تنتظره عدة ورشات وتحديات، لاسيما أن الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، محمد أوسعيد، أكد في أول تصريح له، أن الرئيس تبون سيترأس أول اجتماع لمجلس الوزراء مع أعضاء الحكومة الجديدة، ثم تنطلق هذه الحكومة في عملها، وفي إعداد مخطط عملها لعرضه مجددا على مجلس وزراء ليصادق عليه، ليعرض بعد ذلك على البرلمان بغرفتيه. وتنُص المادتان 93 و94 على أن الحكومة تعد مخطط عملها وتعرضه على مجلس الوزراء، ويُقدم الوزير الأول مخطط عمل الحكومة إلى المجلس الشعبي الوطني. وحسب المادة 48 من القانون العضوي للبرلمان، فإنه يرجح إحالة مخطط عمل الحكومة على البرلمان بعد مناقشته في مجلس الوزراء في غضون أسبوع. والأكيد أن الأنظار ستتوجه إلى حقيبة الوزير الأول التي ستحمل وثيقة مخطط عمل الحكومة للسنوات القادمة، وما ستتخذه الحكومة من قرارات وفق الأسس والاستراتيجية التي حددها الرئيس في اجتماعه مع أعضاء الحكومة أمس الأول، وهو الذي وضع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والإقليمية كأولويات في برنامج عمله. ومن المرجح أن يكون مخطط عمل الحكومة أول نشاط للمجلس في هذه السنة الجديدة، وسط العديد من القراءات حول مصير هذه الهيئة، التي تبقى مرهونة بتعديل الدستور وقوانين الانتخاب. وحسب خارطة الطريق التي أعلن عنها تبون في اجتماع مجلس الوزراء، فإن محاور مخطط عمل الحكومة الرئيسية ستكون محددة وفق استرتيجية الرئيس والقرارات التي أعلن عنها، وأهمها استعادة هيبة الدولة، والحفاظ على المال العام ومحاربة الرداءة في التسيير، إصلاح النظام الضريبي، وإلغاء الضريبة على الدخل الضعيف، مع إعادة النظر في المنظومة التربوية من الناحية البيداغوجية. وفضلا عن ذلك، ستتولى الحكومة الجديدة، تحت إشراف الرئيس، تحضير ورشات تعديل الدستور، وورشات تعديل القوانين العضوية المتعلقة بالحياة السياسية، وصولا إلى تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية، بعد أن كشف عن مراجعة منظومة الحكم وتعديل عميق للدستور وقانون الانتخابات بما يكرس الفصل بين المال والسياسة، وشدد على قيام دولة القانون واستقلالية القضاء وترقية الديمقراطية التشاركية وفتح الحوار مع المواطنين ومكافحة السلوكيات البيروقراطية من أجل الوصول إلى توافق وطني في المستقبل يجنب البلاد أي هزة، ويمتن فيها الاستقرار المؤسساتي والسياسي والاجتماعي.