البلاد - زهية رافع - تدرس أحزاب سياسية وجمعيات مدنية الخطوة التي أقدم عليها الرئيس تبون وتستعد للرمي بكل ثقلها والدفع بتصوراتها بشأن الدستور القادم، بعد تشكيل لجنة إعادة صياغة مسودة الدستور، وتحديد المعالم الكبرى لهذه التعديلات من طرف رئاسة الجمهورية. يبدو أن الأحزاب السياسية حفظت الدرس هذه المرة، حيث سارعت للدفع بمقترحاتها حول الدستور القادم، وإثراء مسودته، من أجل قطع الطريق أمام تعديلات على المقاس مثلما وقع في وقت سابق، على اعتبار أن تعديل الدستور ليس عملية تقنية يقوم بها الخبراء بل هو ورشة سياسية كبرى يجب أن يشترك فيها المواطنون والطبقة السياسية والمجتمع المدني، للوصول إلى توافق شامل حول طبيعة النظام الذي يريده الجزائريون، ثم وضع هذه النتائج تحت تصرف الخبراء الذين يحولون كل ذلك إلى نصوص. ولقي قرار الرئيس تبون بتشكيل فريق من الخبراء الدستوريين، يتولى صياغة مسودة دستور جديد للبلاد مواقف إيجابية، حيث يرى أغلبها أن هذه الخطوة هي الاتجاه الصحيح، على أساس أنها تتيح طرح وثيقة تكون قاعدة أساسية لأي حوار بين السلطة والقوى السياسية والمدنية لاحقاً، حيث انطلقت حركة مجتمع السلم في التحضير لإثراء مسودة الدستور تحسبا لعرضه على المناقشة والإثراء، وذلك من خلال تنصيب لجنة خاصة مكونة من خبراء في القانون ونواب برلمانيين لمناقشة وتقديم مقترحاتهم بخصوص تعديل وإصلاح الدستور. كما رحب التجمع الوطني الديمقراطي بخطوت الرئيس بشأن الدستور، وثمنت تشكيل لجنة الخبراء فيما تحفظا حزبان فقط، وهما جبهة القوى الاشتراكية، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، حيث اعتبرت التشكيلتان السياسيتان الخطوة سابقة لأوانها، وأنه كان يفترض أن يسبق ذلك حوار جدي لصياغة خطوات سياسية والتوافق عليها.. وقد سبق للطبقة السياسية الوطنية أن انتقدت بشكل كبير التعديلات الدستورية التي حدثت في سنتي 2008 و2016، وبخاصة تعديل نوفمبر من العام 2008، الذي فتح العهدات الرئاسية أمام رئيس الجمهورية السابق، وهو ما اعتبر في ذلك الوقت تعديا صارخا على الدستور بحد ذاته.