مصالح الأمن تحقق في تجاوزات ارتكبت من طرف ولاة سابقين البلاد - خ.رياض - يسابق ولاة الجمهورية، هذه الأيام، الزمن لفتح صفحات جديدة بين السلطات التنفيذية والمواطن، الذي بات يفضل الشارع لإسماع صوته إلى المسؤولين، والولاة على وجه التحديد. ولم تكن خرجة والي ولاية سعيدة الجديد، سعيد سعيود، الذي انتفض ضد مقاولة محلية متهما إياها بالفساد، الاستثناء الذي صنعه هذا الأخير، بل امتد غضب الولاة إلى ولايات وهران، الشلف، قسنطينة، أم البواقي، أدرار، الجزائر، عنابة، تلمسان، تيسمسيلت وسطيف، في مشاهد حية أزاحت النقاب عن فساد عارم عشش في الجزائر العميقة، وهو ما أفرزته تقارير زيارات الولاة التي قادتهم إلى الورشات الكبرى من غش في الأشغال وتحويل عقارات فلاحية إلى مآل المضاربة، وتزوير فواتير صيانة حافلات النقل المدرسي، وتلاعب بمشاريع الري، ووضع الزفت المغشوش على الطرق الريفية والولائية، نتيجة ما خلفته العصابات السابقة من فساد ونهب المال العام واستنزاف الأملاك العامة. ويخفي النزول المكثف للولاة إلى الميدان، رغبة حقيقية في اتخاذ تدابير قوية من صلب التعهدات التي قدمها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي كان اعترف بالتظاهر السلمي ومستعد لتنفيذ مطالب الشعب مهما كان وزنها وحجمها. وتكشف الوقائع التي تظهرها احتجاجات المواطنين في ولايات الوطن، عن أن الثقل اليوم صار كبيرا على الولاة في ظل عودة الهدوء إلى الشارع، انطلاقا من مراقبة الجماعات المحلية والضرب بيد من حديد كل من تسول له نفسه المساس بالمال العام، وخلق منافسة اقتصادية لجلب استثمارات قوية للقضاء على البطالة المتفشية في ولاياتهم، وعدم الاكتفاء بالأموال الضخمة التي تغدقها الدولة لتسيير مخططات التنمية المحلية. انتفاضة الولاة في كثير من الولايات ضد الغش والتدليس والتقارير المغلوطة حول نسب إنجاز مشاريع التنمية ونهب عقارات الدولة، على غرار ما وقع في تيسمسيلت، سعيدة، عنابةوتلمسان، في الأيام القليلة الماضية، من خلال إسراعهم إلى النزول الميداني وملامسة غبن المواطن، تعتبر تقليدا جديدا جاء ليواكب تعليمات الحكومة التي استعادت هي الأخرى صلاحياتها، وذلك من منطلق تصحيح كوارث الماضي التي "فرخها" ولاة محسوبون على النظام السابق، وينفذ الولاة مقاربة جديدة تقوم على التقرب من المواطن في معاقله، في دور جديد أشبه ب "رجال مطافئ" لتهدية الجبهة الاجتماعية وإخماد بؤر التوتر التي مست تقريبا كل ولايات الوطن، بسبب التوزيع غير العادل لقوائم السكن الاجتماعي، وإعانات البناء الريفي، وعدم إمداد المناطق النائية بمياه الشرب، والتلاعب في مشاريع كبرى استنزفت عشرات الملايير، على غرار مشاريع السدود التي استهلكت ما يقرب عن 560 مليار سنتيم في ثلاث ولايات بغرب الوطن دون أن يلمس المواطن نتائجها الحقيقية، ناهيك عن تورط أحدهم في تحويل ما يناهز 2000 مليار سنتيم من أموال بلدية نفطية إلى صندوق التضامن بين البلديات، والتي صرفت في كثير من المرات خارج الإطار القانوني. وتؤكد المصادر التي بحوزة "البلاد"، أن نزول بعض الولاة، هذه الأيام، إلى الميدان لمواجهة المواطنين، تزامن وشروع مصالح الأمن في التحري حول تجاوزات وصفت ب "الخطيرة " منسوبة لما يقارب من ال8 ولاة جمهورية سابقين وحاليين، وإن لم يكن من المرجح أن تمتد تحقيقات الحال إلى آخرين محالين على التقاعد، يشتبه بوقوفهم وراء فضائح بدأت تتكشف من خلال زيارات الولاة الجدد لهذه المناطق، على غرار الشلف، وهران، تيسمسيلت، سطيف، سعيدة، تلمسانوقسنطينة، وتمس هذه الفضائح بشكل بارز عقارات مملوكة للدولة ومنحها بالدينار الرمزي، وصفقات مشبوهة أخرى مخالفة لأصول التشريع. وبرأي مراقبين للشأن الاجتماعي، فإن الاجتماع المرتقب بين الحكومة والولاة في منتصف الشهر الجاري، سيبلور خارطة طريق الحكومة المبنية على برامج استعجالية في تهدئة الجبهة الاجتماعية، وستكون مهمة الولاة جسيمة أكثر من الوزراء، كون أن الوزير مهمته أن يشتغل على قطاعه فقط، بخلاف الوالي الذي يمثل منصب رئيس جمهورية في ولايته، يهتم بكل القطاعات، لاسيما الري، الأشغال العمومية، الفلاحة، التربية، الصحة والرياضة، إذ ينتظر منه ضخ دماء جديدة في الإدارة المحلية وإحداث نقلة نوعية في التسيير، ومحو مخلفات الماضي التي صنعها ولاة في عهد النظام البائد، والابتعاد عن الشعبوية وعدم إغراق المواطن بوعود قد لا تنطلي عليهم لاحقا، لأن المواطن لا يزال يرى في بعض الولاة أنهم نتاج منظومة الحكم السابق.