انطفأت شمعة العلامة الجليل ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ووزير الشؤون الدينية الأسبق، عبد الرحمان شيبان، صبيحة أمس، عن عمر ناهز 93 سنة، بعد صراع طويل مع مرض عضال· الشيخ الجليل صاحب سيرة عطرة، مليئة بالإنجازات، والمواقف نصرة للأمة الإسلامية عموما، ووطنه خصوصا، دافع عن حمى الإسلام بالعمل والعمل، والقرطاس والقلم· ولد العلامة شيبان، حسب ما جاء في موقع جريدة البصائر، بتاريخ 23 فيفري ,1918 بقرية الشرفة، دائرة مشدالة، التابعة لولاية البويرة، كان كسائر أقرانه في ذلك الزمان، حيث تعلم القرآن والتوحيد والفقه، وتلقى أسس اللغة العربية بزاوية السحنونية بالزواوة بمسقط رأسه، ولما بلغ السعي توجه إلى البقاع المقدس لأداء مناسك الحج مع والد محمد البشير شيبان، وسنه لا تتعدى العاشرة·
التحق بجامع الزيتونة في تونس سنة ,1938 حيث وفق في الحصول على شهادة في العلوم سنة ,1947 كما ترأس هناك جمعية الطلبة الجزائريين الزيتونيين، بالإضافة إلى النشاطات الثقافية المختلفة التي كان يؤطرها· عينه الإمام الراحل محمد البشير الإبراهيمي، سنة ,1948 أستاذا للبلاغة والأدب العربي بمعهد الإمام عبد الحميد بن باديس، صنف من أساتذة الطبقة الأولى بالمعهد سنة ,1954 بقرار من المجلس الإداري لجمعية العلماء المسلمين، كما تقلد بعض المناصب الهامة، حيث كان عضوا فعالا في جمعية العلماء، عضوا في لجنة التعليم العليا المكلفة بإعداد مناهج التربية والتعليم، والكتب المدرسية بمدارس الجمعية المنتشرة في أرجاء الوطن· التحق الشيخ شيبان بثورة التحرير الوطنية، حيث كان من المجاهدين الميدانيين لجبهة التحرير الوطني، كما شغل منصب عضو لجنة الإعلام للجبهة، وساهم في تحرير العديد من جرائد الثورة منها المقاومة الجزائرية·
وفي عهد الاستقلال، ناضل الشيخ مع مجموعة من زملائه، لإحباط دعوة تجعل ”اللائكية” أساسا للدستور الجزائري، نشرته الصحافة الجزائرية الناطقة بالفرنسية في 9 أوت ,1962 حيث وجه نداء للشعب الجزائري للتمسك بدينه· انتخب سنة 1962 عضوا في المجلس الوطني التأسيسي، حيث تولى منصب مقرر للجنة التربية الوطنية، وساهم مساهمة فعلية وإيجابية في إعداد الدستور الجزائري، وكان من الذين أكدوا على جعل الإسلام دين الدولة، والعربية اللغة الوطنية الرسمية، مخالفا في ذلك نداءات التيار الفرنكوفوني الذي رفع شعار ”الإسلام دين الشعب” و”العربية لغة الشعب”· في مارس 1964 عين مفتشا عاما للغة والأدب العربي والتربية الإسلامية، تولى رئاسة اللجنة الوطنية المكلفة بالبحث التربوي التطبيقي والتأليف المدرسي، وكان من بين أبرز نجاحاته أن وفق في اعتماد اللغة العربية اللغة الخامسة الرسمية لهيئة اليونيسكو، حيث طبق القرار في عام .1968
أما في الجانب الديني فكانت له عديد الإسهامات والبصمات البارزة طيلة حياته رحمه الله، حيث عين وزيرا للشؤون الدينية لمدة ست سنوات، وكان عضوا ومن المؤسسين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي وممثلا للجزائر فيه، ساهم في تأسيس معهد أصول الدين بالجزائر العاصمة، وساهم أيضا في افتتاح جامعة الأمير عبد القادر الإسلامية بقسنطينة· تولى سنة 1999 رئاسة جمعية العلماء المسلمين، وإدارة جريدة البصائر الأسبوعية·
وقد قيل الكثير في مناقب وأخلاق الشيخ الجليل، شعرا ونثرا، حيث كتبت عنه مؤسسة إعلامية تسمى ”أنيقو بوبليكاسو” في عدد خاص بالجزائر، موضوعا تحت عنوان ”الجزائر ورجال الحكم”، كما كتب عنه الدكتور يحيى الغوثاني، المشرف العام لمنتدى البحوث والدراسات القرآنية سنة .2006
وتحصل العلامة الراحل على إجازات عديدة، أهمها إجازته على مروياته العلمية وأساتذتهم: العالم المكي المرحوم السيخ محمد العلوي، الشيخ مفتي سوريا الأسبق، أحمد كفتارو، والأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي، محمد الحبيب بلخوجة· وهذا يعد شيئا يسيرا من حياة الشيخ المليئة بالعطاء والإنجازات التي خدم بها البلاد والعباد·