لا يزال حوالي 1500 طالب مسجلين في أطوار التدرج وما بعد التدرج في ثلاثة أقسام من كليات الطب عبر الوطن: الصيدلة، جراحة الأسنان والطب يتجرعون تدريجيا مرارة شبح سنة بيضاء تلوح في الأفق مع كل يوم ينقضي دون أن يعدل الأساتذة الاستشفائيون عن خيار الإضراب الذي خيم على مدرجات وقاعات الامتحانات ودون أن تكب ودون أن تلين أو ترضخ وزارة التعليم العالي لمطالب المضربين. فحاليا، في الجامعة المركزية وفي غيرها من كليات الطب عبر الوطن لا امتحانات بينما تتواصل الدروس بصورة مكثفة منذ انتهاء العطلة الربيعية، حتى يتمكن الطلبة من تدارك أكبر قدر من الدروس التي فاتتهم بسبب الإضراب الكلي الذي باشره الأساتذة الاستشفائيون للضغط على وزارة التعليم العالي، إلى أن يتم التوقيع على المرسوم المتضمن الآجر التكميلي، لكن مع تعنت الوزارة المعنية في الاستجابة لمطالب المضربين يبقى الطالب هو الضحية الوحيد التي يتخبط بين ''لامبالاة'' الأساتذة و''لامسؤولية'' الوزارة: فالأساتذة لم يبالوا بمعاناة الطلبة فاستخدموهم ورقة لتحقيق أغراضهم، والوزارة لم تتحمل مسؤوليتها في إيجاد حل يرضي الأساتذة وينقذ الطلبة من سنة بيضاء محتملة وهو ما أجمع عليه الطلبة الذين تحدثت إليهم ''البلاد'' في الجامعة المركزية فمع كل بصيص أمل لانفراج هذه الأزمة يبادر أحد الطرفين، الوزارة أو الأساتذة، بالرفض، كما حدث أول أمس عند إلغاء الوزارة المعنية الامتحانات المتأخرة التي كانت مبرمجة مطلع هذا الأسبوع. وقد أكد طلبة كلية الصيدلة ل''البلاد'' أنهم قصدوا يوم الأربعاء الفارط وزارة التعليم العالي للمطالبة بإيجاد حل فوري لهذا الإضراب وما سببه من اختلال في سير الدروس وزرنامة الامتحانات، إلا أنهم فوجئوا بأن لا أحد استقبلهم. وعموما فالطلبة في كليات الطب ينقسمون في آرائهم إلى ثلاثة أقسام: الأول يتفهم ما قام به ويصب جم غضبه على الوزارة، والثاني يجرم الوزارة والأساتذة على حد سواء، والثالث على ثقة بأن هذه المهزلة التي تمر به الجامعة الجزائرية ستنتهي دون سنة بيضاء لأن الجامعة غير قادرة على استيعاب عدد كبير من طلبة الطب والصيدلة وجراحة الأسنان، فأين سيذهب الطلبة الجدد العام المقبل؟ وقد صرحت خديجة. ش، سنة 5 صيدلة ''نحن نتفهم الأساتذة ولا نحملهم مسؤولية الإضراب لأن لهم الحق في أن يحسنوا من أوضاعهم مادموا لم يجدوا سبيلا لإسماع أصواتهم إلا بالإضراب في ظل وزارة لا يحركها حق أستاذ ولا معاناة طالب. أما (كمال.م) فصيدلي مقبل ''الأمر واضح، إنهم يتراهنون على من سيعود له الفضل في تحقيق السنة البيضاء، فلا الوزارة تتنازل لصالح الأساتذة حتى ولو من باب الرأفة بالطالب الذي لا دخل له في كل ما يجري. ولا الأساتذة يأخذون بعين الاعتبار أنهم يتلاعبون بالتحصيل العلمي لطلبة سيكونون غدا أطباء غير أكفاء بسبب أساتذتهم''. ويضيف: ''القضية كلها قضية مال، واحد يطلب والآخر لا يدفع وكلاهما غني، الدولة. والأساتذة يضربون عن العمل في الجامعات والمستشفيات لا عن العمل في عياداتهم الخاصة. أما آمال، سنة 4 طب، فلها رأي آخر: ''لقد مللنا التحضير للامتحانات، يبدو أنها لن تجرى إلا صيفا في أحسن الأحوال، لأننا في نهاية الأمر متأكدون من أنها لن تكون سنة بيضاء، فلن يسع أعداد طلبة كليات الطب مع الناجحين المقبلين على شهادة البكالوريا، إلا في حالة واحدة وهي أن يقرر بن بوزيد شطب الطب، الصيدلة وجراحة الأسنان من قائمة الاختيارات للطلبة الناجحين في البكالوريا. فكيف سيبرر لهم ذلك؟ ربما أن زميله حراوبية عجز عن إيجاد حل طيلة سنة كاملة!'' ويضيف بعض الطلبة مازحين ''نصيحة للمقبلين على شهادة البكالوريا، لا تورطوا أنفسكم، لا تختاروا الطب، الصيدلة أو جراحة الأسنان، إنها أسوأ كليات الجزائر''.