شهدت مدينتا بنغازي وأجدابيا والعديد من المدن شرقي ليبيا ليلة أول أمس، احتجاجات على تشكيلة الحكومة الانتقالية التي أعلنها رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب، والتي ستتولى تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية أواخر جوان المقبل· وخرج مئات الشبان في بنغازي عقب الإعلان عن الحكومة الانتقالية معترضين على ما يقولون إنه تهميش لأهل مدينتهم باستثنائهم من أهم الوزارات، ورفعوا شعارات وصفوا فيها الحكومة بأنها ”مستوردة من الخارج”· وأبدى المتظاهرون مخاوفهم من تهميش المنطقة الشرقية وتمركز جميع القطاعات الحيوية في مدينة طرابلس، مؤكدين أن ذلك كان من أسباب ثورتهم التي أطاحت بنظام العقيد معمر القذافي· وفي مدينة إجدابيا الواقعة أيضا شرق البلاد، تظاهر الأهالي رافضين تشكيلة الحكومة الانتقالية، ومرددين نفس المطالب والمخاوف التي عبر عنها المتظاهرون في بنغازي· وكان الكيب قد أعلن مساء أول أمس، أسماء أعضاء حكومته، التي تضم بالإضافة إلى رئيس الوزراء ونائبيه، 24 حقيبة، وستتولى تسيير شؤون البلاد إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة أواخر جوان المقبل· وأثار تأخر إعلان تشكيلة الحكومة شائعات بشأن وجود خلافات داخلية بين الجماعات والقبائل الليبية المختلفة حول حقائبها والمرشحين لها·
وعرفت تشكيلة الحكومة بعض التعديلات بعد التوافق بين أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في مفاوضات استمرت حتى اللحظات الأخيرة· ومنح المجلس أمس ثقته للحكومة الانتقالية، وفق ما أعلن عبد الحفيظ غوقة، نائب رئيس المجلس، كما قال بيان للمجلس عقب الإعلان عن الحكومة إن هذه الأخيرة ستعمل على استتباب الأمن والاستقرار وإعادة الحياة العادية إلى ليبيا وضمان الخدمات الأساسية للمواطنين· وتعهد البيان بأن الحكومة ستضمن العدل وحقوق الإنسان، وستعمل على تحقيق المصالحة الوطنية في ليبيا، وعلى إعادة بناء الجيش وقوات الأمن الليبيين· وتم إسناد وزارة الدفاع لأسامة الجويلي، وهو رئيس المجلس العسكري لمدينة الزنتان الذي ألقى أعضاؤه قبل أيام القبض على سيف الإسلام القذافي جنوب البلاد· وأسندت حقيبة الداخلية إلى فوزي عبد العالي الذي كان عضوا بالوطني الانتقالي عن مدينة مصراتة· وتسلم حقيبة الخارجية والتعاون الدولي عاشور بن خيال، بينما تم تعيين عبد الرحمن بن يزة المسؤول السابق بشركة ”إيني” الإيطالية للطاقة وزيرا للنفط·
وفي السياق ذاته، قال الكيب خلال مؤتمر صحفي لتقديم أعضاء الحكومة ووكلاء الوزارات، إنه كان حريصا على أن تكون كل ليبيا ممثلة بالحكومة الانتقالية، من خلال أعضاء تم انتقاؤهم بناء على كفاءاتهم وبعد دراسة سيرهم الذاتية· وعن سبب غياب وزارة الإعلام، أوضح رئيس الحكومة الانتقالية أنه استقر بالتشاور مع المجلس الانتقالي على تشكيل هيئة للإعلام سيتم الإعلان عنها، وعن من يتولاها قريبا، مشيرا إلى أن المرأة الليبية حصلت على أكبر تمثيل وزاري في تاريخ الوزارات الليبية· ورحب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بتشكيل الحكومة الانتقالية، واعتبر أنها ”دليل على أن ليبيا تتجه نحو التحول إلى دولة ديمقراطية مفتوحة تقوم على سيادة القانون”· وقال هيغ إن الإعلان عن الحكومة يمثل لحظة هامة بالنسبة إلى ليبيا، مؤكدا أن بلاده ستكون ”شريكا قويا” لهذه الحكومة وستعمل معها من أجل ”تحقيق الاستقرار في البلاد، وضمان القانون والنظام، وإعادة تشغيل الاقتصاد، والإعداد للانتخابات وبناء الدولة على أساس احترام حقوق الإنسان”·
من ناحية أخرى، قال المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، إنه يعتقد أن عبد الله السنوسي رئيس جهاز المخابرات في عهد العقيد الراحل معمر القذافي لم يعتقل، مضيفا في مؤتمر صحفي مشترك مع وزير العدل الليبي محمد العلاقي في العاصمة طرابلس أمس، ”لا أريد أن أؤكد، أو أنفي القبض على السنوسي وعندما نتحصل على معلومات دقيقة جدا لا تقبل الشك، عند ذلك سيعلن المجلس الانتقالي الليبي أو النائب العام القبض عليه”· وأكد أوكامبو حق الليبيين في محاكمة سيف الإسلام القذافي أمام القضاء الوطني، قائلا إن محكمة الجنايات الدولية أصدرت قرارها بتوقيف سيف الإسلام إبان فترة الصراع في ليبيا ”والآن ليبيا مستقرة وهناك حكومة جديدة ويحق لليبيين أن يحاكموا سيف الإسلام أمام القضاء الليبي”·