خلافا لشعار المواطنة والدولة الجامعة الذي رفعته الجماهير، فإن الطائفية تعيق التحول الديمقراطي وقد تُجهض الثورات العربية، ليكون تشظي المجتمعات وانهيار مؤسسات الدولة هو البديل المتاح للاستبداد· ووفق مشاركين في ندوة ”الثورة العربية والديمقراطية·· جذور النّزَعات الطائفية وسبل مكافحتها” التي نظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، فإن التباينات المذهبية والعرقية والدينية تعسّر المخاض الديمقراطي في الدول العربية· وتكتسب الندوة أهميتها من تراجع الزخم الوطني للمطالب الشعبية، في ظل تنامي الصوت الطائفي في مصر والقلق من اندلاع حرب أهلية في سوريا، وتعقيدات المشهد القبلي والمذهبي في معظم دول المشرق· وفي كلمة افتتح بها الندوة، رأى رئيس المركز المفكر العربي عزمي بشارة أن المنزلقات الطائفية متوقعة و”من الخطأ القاتل كنسها تحت سجادة الوحدة” والتغاضي عن خطورة تداعياتها السلبية على التحول الديمقراطي· وحتى لو عبرت عن ثقافة الأغلبية، فإن الطائفية وفق بشارة تظل ضد الديمقراطية لأنها ”الطائفية” على النقيض من المواطنة وسيادة الأمة و”ليست إلا صراخا سياسيا لا علاقة له بالدين ويختلف عن التبشير”· أما أستاذ الفلسفة بالجامعة اللبنانية وجيه قانصو فيرى أن الطائفية تضع عقبة حول مستقبل الثورات، مما يبرر التساؤل حول ما إذا كان بإمكان قوى التغيير كسب الرهان الديمقراطي، الذي يتجاوز شفافية صناديق الاقتراع إلى الإقرار بمدنية الدولة وحاكمية القانون· وفي نظر قانصو، يجب الإقرار بان الطائفية خطر قائم، حيث كشفت الانتخابات مدى تعقيد بنية المجتمع وهشاشة وعيه بالديمقراطية، مما يفسر عدم تمثيل نخب الثورة في البرلمانات الجديدة، وفق تعبيره· من ناحية أخرى، تكمن شراسة الطائفية في المجتمعات العربية في أنها لم تعد تخص المعتقد إنما تخص ”كيانا مغلقا يحمي مصالح معينة ولا يعترف بالمجال العام السياسي، وله أصول وإجراءات تنافي أحيانا الدلالات الأخلاقية للمذهب”· كذلك يبدي المعارض السوري ياسر سعد الدين قلقه من إمكانية تحول الدول العربية الثائرة من الاستبداد إلى كيانات تحكمها مصالح وأهواء الطوائف·
لكنه يرى في تصريحات لموقع قناة ”الجزيرة” أنه من الممكن تفادي الانزلاق الطائفي من خلال إيجاد آليات لتصويب الديمقراطية، وإنصاف الجميع بمن فيهم الذين غيبتهم نتائج الانتخابات·