طارد حلمه الصغير وهو في سن ,15 وبدأ الحلم يكبر ويكبر مع الأيام، وإمكانية تحقيقه بدأت تلوح في أفق بيت عائلة كويني بالشرافة بالعاصمة، عندما رأت ابنها عبد الرحيم، ( 17 سنة) وهو يصر على صناعة سيارة كما رسمها في مخيلته وكما وضعها على رسومات في وريقات عادية، واختار تسميتها باسم العائلة والجزائر أيضا وافتتح بها سنة 2012 لتكون بداية جميلة جدا باختراع، رغم أنه بأقل الإمكانيات ولكنه بأكثر الأماني والأحلام وأهمها أن يرى سيارة جزائرية الصنع مائة بالمائة من صناعة يديه· فتيحة· ز
تحقق الحلم، وظهرت السيارة وسارت في الشارع وشاهدها الكثيرون واعترفوا له بأنه بإمكانه تطوير موهبته، ليختار ”البلاد” أول جريدة تنشر صور السيارة وتحكي معه وتعرف منه الكثير عن تلك الموهبة التي نمت وترعرعت في منزل جميع أفراده جامعيون من أطباء ومهندسين وصيادلة، وربما بإذن الله سيكون فيها مخترع صغير كبير اسمه عبد الرحيم· ماضاع حلم وراءه إصرار وتحدٍ تحقق الحلم وهو في سن ال ,17 أي سنتين وهو يطارد ذلك الحلم الجميل على مدى ثلاثة عشر مرحلة، هو عمر السيارة التي أنجزها مرحلة بمرحلة من رقم 1 إلى رقم 13 وهو عدد الوريقات التي رسمها لينجز في النهاية سيارة بمحرك وبأربع عجلات سماها على اسم العائلة ”كويني” الجزائر وكانت ”البلاد” أول من زارته وأجرت معه هذا اللقاء· ”كويني” هو اسم السيارة الذي أطلقه عليها هذا الشاب عبد الرحيم كويني، ربط به بين اسم العائلة التي ترعرع فيها وساعدته لتحقيق موهبته، واسم البلد الذي قال عنه إنه غالي جدا، كشرف يريد أن يحققه الشاب عبد الرحيم، الذي قرر يوم الأحد أن يكشف الغطاء عن هذه السيارة التي يمكن أن نقول إنها ستبقى أجمل شيء اخترعه هذا الشاب أمام مرأى والده الذي كان يتحدث ل”البلاد”وهو يفتخر بابنه الذي ردد على مسامعنا ”يحز في قلبي أن أرى من شرفة البيت شركات سيارات أجنبية هنا وهناك، وحلمي أن يكون للجزائر سيارتها الخاصة فهل سيحقق هذا الشاب حلمه وهل سيجد ضالته في هذا البلد الذي فيه المواهب بالآلاف تحتاج فقط لمن يلتفت إليها ومن يصنع لها طريقا لتحقيق آمالها· الإصرار الكبير والتحدي كانا الدافع الوحيد لهذا الشاب الذي يعمل بأنامله ويفكر كثيرا من خلال ما يشاهده من أشرطة علمية ويترك لمخيلته صناعة ما جادت عليه قريحته· تركها مركونة في مستودع خصصه الوالد لسيارته العادية، لكنه منذ سنتين ترك بالمكان مساحة لولده الذي كان يشتغل في أوقات فراغه في تصميم السيارة بالأوراق، وفي كل مرة يصل إلى إنجاز جزء منها يضع الصورة على الحائط، وهي الوريقات التي علقها على الحائط ليكتشف المراحل التي تم خلالها إنجاز هذه السيارة التي طلاها باللون الأسود والرمادي وبمحرك لسيارة قديمة جدا· تكلفتها 120 ألف دينار الطبيعي أن من يريد شراء أي سيارة يسأل عن السعر، الثمن الذي بامكانه أن يبتاع بها سيارة على مقامه، وطبعا هو سؤال وجهناه للتلميذ عبد الرحيم الذي يدرس سنة ثانية في الثانوية بالشرافة تخصص علوم طبيعية، مفاده تكاليف إنجاز هذه السيارة ومن هذا النوع، ليرد قائلا، كلفتني 120 ألف دينار وطبعا بمساعدة الوالد، الذي كان حريصا على أن يتمم ولده هذا المشروع وأن يخرج موهبته كاملة وأن لا يكون المال على حد تعبيره عائقا في إظهار موهبة وميولات لولده الذي يحب كثيرا الاختراعات وكل ما يمكنه إنجاز مجسم أو شيء معين· الوالدان ثم المدرسة في انتظار البقية·· كثيرون من أمثال عبد الرحيم يظهر عليهم الذكاء في طفولتهم ولكن القليلون منهم من يكونوا ”ذوحظ عظيم”، خاصة وأن عبدالرحيم تضافرت معه جهود الأسرة ودفعته للأمام، هذا هو حال هذا الشاب الذي وجد والدين إلى جانبه، ودفعاه لتحقيق أحلامه وأمانيه، والتفنن في تخصص معين يحبه كثيرا· الكثيرون لديهم ميولات معينة لاختراع شيء والتفنن في صنع شيء جديد، ولكن ربما يصدمهم الواقع، وربما أيضا يجدون عقبات لتحقيق تلك الميولات والأحلام في أرض الواقع، القليليون من يحظون برعاية من نوع ما، وخصوصا في الأسرة والمدرسة التي كثيرا ما تكون الخط الرفيع بين تنمية الموهبة والحيلولة دون بروزها والظهور للعلن، يقول والد عبد الرحيم· هذا الوالد الذي يحن يوميا لما ينجزه الإبن في ”الفراج” الذي خصص له مساحة منه لتحقيق الحلم، بل وأكثر من ذلك يقول الأب ”تركته يصنع سيارة بثمن لا يتجاوز 120 ألف دينار وتركت سيارتي التي أسوقها تبقى في الرصيف يوميا، من أجل أن يرى حلم إبني النور· هذا الشاب الصغير ما يزال يحلم في صناعة سيارة أخرى وهو وهو ما أكده محدثنا لدى استضافته لنا في منزل العائلة، فهو لا يؤمن بالفشل لأنه صبر مدة 25 شهرا كاملا لإنجاز هذه السيارة التي شكلها مقلد عن نوع من السيارات، إلا أنه قام بتركيب كل الأجهزة اللازمة لها، بل وجربها أمامنا وقام بسياقتها في الشارع القريب من بيت عائلته، والفرحة بادية على محياه، خصوصا وأنه يحب الصمت والركون للعمل في أوقات فراغه، لا سيما عندما ينهي دروسه، ليجد مهربه الوحيد المستودع الذي وضع فيه كل مستلزمات صناعة السيارة· ويواصل عبد الرحيم حديثه عن آماله في المستقبل، حيث يرى أنه مازال أمامه الكثير ليتعلم ويحقق أمانيه وأماني والديه أيضا، خصوصا وأنه يأمل في إكمال دراسته وأن يتخصص في مجال ”الميكانيك” تستهويه الأشرطة العلمية ويتابع مختلف الحصص المتخصصة في الاختراعات، وتستهويه أيضا اكتشاف الآخر والاطلاع على ظروف معيشة الآخرين· كما كشف عبد الرحيم أن أحد الميكانيكيين من جيرانه يقوم أحيانا بمتابعة عمله، بل ويأخذ بنصائحه كثيرا، خصوصا وأن تجربة هذا الميكانيكي طويلة وساعدت عبد الحليم في إنجاز السيارة رغم الوقت الذي استغرقه في ذلك· والمثير أيضا أن عبد الرحيم كان أصغر عنصر في المجموعة التي شاركت في القافلة الثانية التي توجهت إلى غزة العام الماضي، وهي التجربة التي خاضها المتحدث بشجاعة وعلمته الكثير، خصوصا الصبر ومحاولة الإقلاع على الآخر·