أثار اشتراط أبو جرة سلطاني، رئيس حركة مجتمع السلم، عودة الفيس إلى النشاط السياسي بالتزام الحزب المحظور بقوانين الجمهورية وإعلان نبذ العنف، حفيظة عباسي مدني بالدوحة عاصمة قطر، ورأى عباسي في تصريحات سلطاني إملاءات يفتقر صاحبها إلى الصفة التي تؤهله لممارسة هكذا حق أو صلاحية ولم يتردد عباسي في تصنيف تصريحات سلطاني في خانة ما أسماه بالجنون السياسي قبل أن يعود مدني للتأكيد أن جبهة الإنقاذ مؤسسة دستورية انتخبها الشعب سنة 91 ورفضت الدولة نتائج الانتخابات، ليختم التصريح الذي أدلى به لموقع إسلام أون لاين بالقول إن تصريحات سلطاني تتنافى مع مبادئ الجمهورية التي يتحدث عنها. وبغض النظر عن مدى صحة ما أورده سلطاني بشأن الفيس، إلا أن الملاحظ في هذه التصريحات أنها جاءت أقل بكثير من حدة الجرعة المزيدة لموقف السلطة من قضية الحزب المحظور ومن ثمة يبقى المثير في القضية هو دخول عباسي على خط الجدل بعد ما صام عن النضال لسنوات، اكتفى فيها بممارسة السياحة السياسية في قطر التي دخلها للعلاج واعدا قاعدته في الجزائر بالعودة إلى الديار فور الامتثال إلى الشفاء، الأمر الذي لم يقع بقدر والذي حدث أن عباسي وقع في جرم الترك والتخلي عن قاعدة في حاجة إلى إنقاذ. علما أن مثل هذا السلوك تعاقب عليه القوانين الدولية وتدينه الأعراف والمواثيق الإنسانية.وبعيدا عن منازعة عباسي في حقيقة رفض السلطة الاعتراف بنتائج الانتخابات التي أحرزها حزبه سنة ,91 فإن عباسي مدني لازال مدينا لهذه القاعدة، خصوصا والشعب الجزائري عموما بتقديم الحصيلة عن سنوات الجنون التي عاشتها الجزائر بعد التاريخ الذي تحدث عنه عباسي، لأن هذا الأخير لو عاد إلى هذه الحقبة فسيجد نفسه وجها لوجه مع حقائق مفحمة، على غرار رفضه الإعلان الصريح الفصيح عن نبذ العنف والإرهاب سنة 94 خلال واحدة من جولات الحوار التي قادها اليامين زروال. إذ لم يشفع لا استجداء زروال ولا الحلول التي قدمتها السلطة للخروج من بوتقة الأزمة بما في ذلك عودة الفيس إلى الساحة السياسية، بغض النظر عن الشكل والمبنى في إقناع عباسي بضرورة نبذ العنف والإرهاب وعباسي الدكتور في علم النفس التربوي لا يخفى عليه أن ذاكرة الشعوب لا تطالها آفة النسيان، فهل يستطيع أن يجيب الجزائريين عن تاريخ بداية بروز مصطلحات نبذ العنف والإرهاب والالتزام بقوانين الجمهورية في أدبيات هذا الحزب ومن ثمة سيكون حديث عباسي في الوقت بدل الضائع عن نبذ العنف والإرهاب والالتزام بقوانين الجمهورية من قبيل العبث السياسي الذي لا ينبني عليه أي عمل وليس له ظل في الواقع الجزائري بعدما رفعت الأقلام وجفت الصحف، فعباسي الذي نفى عن سلطاني الحق في الحديث عن الفيس يفتقر هو الآخر للحق في الحديث عن الفيس، بحكم ما سبقت الإشارة إليه وليعرض مدني عن سنفونية الإغلاق المحكم الذي تعاني منه الساحة السياسية والإعلامية في الجزائر، لأن عباسي الذي تحدث عن الفيس كان في مقدوره أن يتحدث عن غزة بدل الحديث عن رفض السلطات السماح للجزائريين بالسير في العاصمة وكان الأجدر بعباسي السياسي أن يدرك بأن السياسية ممارسة ودوام ووجود واستمرار ومثابرة وكما يقال السياسة كركوب دراجة هوائية بمجرد أن تتوقف عن الضغط عن المدوس تسقط