تعد مجلة «بونة للبحوث والدراسات»، واحدة من المجلات الجزائرية والعربية البارزة التي فتحت دروبا للنقاش والحوار العلمي العميق والرصين، وأضاءت سماء الفكر والإبداع والمعرفة. وامتازت بحضورها على الساحة الثقافية بمواضيعها وأبحاثها العميقة والجادة التي تمازج بين الأصالة والمعاصرة، لتضمن التواؤم بين القديم والجديد. وخصص العدد الثاني من المجلة لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، وقد كتب فيه عدد كبير من الباحثين والعلماء المتميزين. واشتمل العدد على مجموعة من الدراسات القيمة عن جمعية العلماء المسلمين، وأفكارها ونهجها الإصلاحي؛ تناول فيها الكتاب قضايا كثيرة تتعلق بمبادئها وأسسها ومشروعها الإصلاحي. وقسم العدد إلى قسمين رئيسين، يتصل الأول بالأبحاث والدراسات، ويتضمن دراسة للدكتور رابح تركي عمامرة بعنوان «التعرف بجمعية العلماء المسلمين الجزائريين.. نشأتها، أهدافها، وأعمالها التربوية والوطنية، ودورها في ثورة الفاتح نوفمبر». وقسمها الباحث إلى عدة عناصر، حيث عرف بالجمعية، وفي العنصر الثاني تحدث عن المبادئ التي ناضلت من أجلها، وتطرق لأركانها، مسلطا الضوء على محاربتها لسياسة التجنيس والإدماج بكل قوة وعنف في جرائدها وخطبها ومختلف شعبها. ونقرأ في هذا العدد مقالا للدكتور عبد الملك مرتاض تحت عنوان «جمعية العلماء.. الأسس، والمبادئ، وجبهات النضال» ذكر فيه في البدء أن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين مؤسسة فكرية وتربوية ودينية كبيرة، وهيئة سياسية متألقة تعتمد الثقافة والعلم والفكر سبيلا لها في تحقيق أهدافها، وإجراء في نشر أفكارها وآرائها. وهي هيئة لم يعرف التاريخ الثقافي، ولا السياسي مثيلا لها في الجزائر. كما رأى أنها فلتة في التاريخ الوطني فلا تتكرر، وهي أنجح الحركات الإسلامية في بلوغ بعض غاياتها، وقدم عدة براهين على ذلك. أما الدكتور محمد بن سمينة -رحمه الله-، فقد أفرد مقاله للحديث عن «مسار الجهاد السياسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين» من خلال تجربة رئيسها الإمام عبد الحميد ابن باديس في المؤتمر الإسلامي 1936. ووصف بحثه هذا بأنه ينظر في بعض الصفحات من سجل مسار الجهاد السياسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين، رائدة الحركة الوطنية الحضارية، وذلك من خلال تجربة الإمام عبد الحميد ابن باديس (1889- 1940) مؤسس هذه الحركة، في المؤتمر الإسلامي المنعقد 1936 في الجزائر العاصمة. ولاحظ أن إسهامات الإمام في العمل السياسي شملت هذا الميدان بجانبيه النظري والعملي، وقد تمركزت مناقشته لإجلاء هذا الموضوع في بعض المحاور من بينها البعد السياسي في المشروع الباديسي ومعالم من مسار الجهاد السياسي للإمام ابن باديس، وتجربة الإمام ابن باديس في المؤتمر الإسلامي، وخلص فيها إلى التأكيد على أن الإمام استمر على هذه النهج إلى آخر حياته مجاهدا في سبيل نصرة دين الله الإسلام، ولسانه اللغة العربية، منافحا عن الجزائر قيما ومقومات، حقوقا وتطلعات. من جهة أخرى، كتب العلامة الشيخ عبد الرحمن شيبان، رحمه الله، عن «جمعية العلماء وثورة التحرير المباركة»، وقبل أن يتحدث عن دور الجمعية في ثورة التحرير المظفرة، قدم نبذة مختصرة عن تاريخ الجمعية، وأكد أنها أدت مهمتها في الإطار العام للحركة الوطنية الجزائرية قبل الثورة المسلحة وأثناءها. وأوضح أنها ما تزال قائمة الآن تواصل رسالتها نحو الإسلام الهادي إلى سواء السبيل في كل عصر وفي كل مصر. محمد سيف الإسلام بوفلاقة -