إن عدة الشهو ر عند الله عز وجل يوم خلق السماوات والأرض اثنا عشر شهرا، ولكل شهر ميزة وفضائل وخصوصيات، فشهر رمضان يحمل دلالات روحية في قلوب المسلمين الذين ينتظرونه بشوق ومحبة وهذا لأن الشهو ر تعيد نفسها، تغادرنا وتعود دون أن نشعر باختلافها في غمرة ما نحن فيه من لهط ولغط وتكاثر في الأولاد، لكن رمضان شهر متميز، ننتظره بلهفة ودهشة، فيه تتساقط قشور الاعتياد والرتابة المتراكمة فوق بعضها خلال شهو ر السنة المستنسخة، بما تشيع فيه من ظواهر عديدة ومتنوعة، وما يحفل به من ممارسات ومتناقضات التوبة والتطهير إلى جانب الانغماس في شتى صنوف الملذات المسموح بها وغير المسموح، وتتميز أجواء التحضير لشهر رمضان المعظم بولاية سطيف بطقوس خاصة، حيث تستقبل المرأة السطايفية شهر رمضان الكريم بالحنة والبخور والطيب الذي تبدأ بوضعه منذ دخول شهر شعبان حفاظا على عادة قديمة يتمسك بها أهل الهضاب عموما، فالحنة للحنان ورقة القلوب والطيب والبخور الندي الرائحة لأيام سعيدة. كما تميز هذه الطقوس أيضا تنقلات النسوة بين الأسواق لشراء المستلزمات الواجبة لهذا الشهر، حيث يشرعن في شراء أكواب وصحون وشراشف جديدة لطاولة الطعام، وكذا شراء مختلف أنواع التوابل وكل ما يستوجب توفيره لمائدة رمضانية تليق بالعائلة من جهة وبالضيوف الذين سيعزمون للإفطار. إن أول شيء يمتاز به سكان الفوارة في التحضير لوجبة الفطور هو الطبق الأساسي الذي لا يغيب عن مائدة رمضان طوال الشهر وهو الشربة، في حين أن البعض ينوع بين الشربة ومرق الزيتون، بالإضافة إلى أطباق أخرى متنوعة تتفنن في إعدادها النساء، ضف إلى ذلك أيضا اللحم الحلو أو ما يعرف عند البعض بالطاجين الحلو والذي يحضر من الزبيب والبرقوق المجفف واللحم وماء الورد والقرفة، دون أن ننسى البوراك الذي يزيد من الطعم نكهة، ولا تكاد مائدة من موائد سطيف تخلو من كسرة المطلوع، حيث تلتزم النسوة السطايفيات بتحضيره بصفة يومية بالمنازل ويتحدين حرارة الطقس التي تميز المنطقة، ذلك ما يفرضه أزواجهن فالنكهة التي تصاحب المطلوع رفقة طبق الحميس الحار لا تضاهيها نكهة أخرى، كما لا تخلو الموائد من بعض الحلويات التي تصنعها السيدات في رمضان من جهة أو الحلويات الموسمية التي تباع في المحلات مثل الزلابية وقلب اللوز والبقلاوة وغيرها، وتلتئم العائلة على المائدة في فطور رمضاني جميل، كما أن بعض أفراد العائلات يقومون بدعوة أفراد عائلات أخرى للإفطار وهكذا دواليك. في حين بعض الأصدقاء يقومون بالإفطار كل يوم عند صديق حتى نهاية الشهر الفضيل، ولا تخلو البيوت خلال هذا الشهر من القيام بشعائر الصيام كاملة، حيث ترى أن المساجد بسطيف تبدأ في الامتلاء قبل حلول الشهر الكريم بالمصلين، وفي ليلة القدر نجد أن أغلب مساجد سطيف تقيم مسابقات لحفظ القران واحتفالات دينية. هدايا لتشجيع الأطفال الذين يصومون لأول مرة من جهتهم أطفال ولاية سطيف الذين يصومون لأول مرة يحظون بالحفاوة والرعاية التامة، فتقدم لهم الهدايا ويشجعون على الصيام كي يداوموا عليه، كما تقام لهم احتفالات خاصة تشجيعا لهم على الصوم وترغيبا في الشهر العظيم، كما يحظون بالتمييز من أجل دفعهم للمواظبة على أداء هذه الفريضة. التجوال، زيارة الأقارب و«الدومينو» نكهة خاصة في رمضان وبعد الإفطار مباشرة يتوجه سكان مدن، قرى ومداشر سطيف إلى المساجد لأداء صلاة التراويح فيما تقوم بعض العائلات بزيارة إلى الأهل والأقارب قصد السهر والسمر، والبعض الآخر بالتجوال للهروب ومن الحرارة. في حين أن الشباب يتجه نحو المقاهي للسهر تحت أهازيج لعبة الدومينو أو الرامي، غير أن مديرية الثقافة لسطيف فكرت في المواطنين بطريقتها الخاصة، إذ برمجت سهرات فنية وفكاهية يوميا قصد ترويح العائلات عن أنفسها ونسيان هم الحرارة وتعب الصيام.