نحن المسلمين.. علينا من المسؤوليات الدينية والإنسانية والأخلاقية.. إزاء عالم اليوم.. ما ليس على غيرنا.. وأكثر بكثير مما كان على أسلافنا في الماضي.. غير أننا لا نستشعر هذه المسؤوليات.. حيث نتعامل معها كتابعين لغيرنا.. ونجتهد في السير خلف المغامرين.. دون أن ندرك أن عالما.. يقف على شفا الهاوية.. ليس محلا للثقة.. ولا جديرا بالاقتداء. في 2008.. اهتز العالم على وقع الانهيار المريع للبنوك الرأسمالية.. وبالنتيجة تزعزع قلب النظام المالي العالمي.. فهل فعلنا شيئا.. نعكس به اتجاه الأزمة؟ وهل عرضنا ما عندنا من وصفات لإنقاذ المصدومين؟ كلا.. كل ما فعله العرب تحديدا.. أنهم انخرطوا في الوصفات القاتلة للغرب.. فأصبحوا ضحايا بدل أن يكونوا منقذين.. وازدادوا إيمانا بنهاية التاريخ طبعة فوكوياما .. بدل أن يؤمنوا بأن في دينهم الخلاص.. وليس في العناوين الفلسفية والفكرية والسياسية للغرب.. وأن رسالتهم في الحياة تقتضي أن يمدوا أيديهم لانتشال الغريق.. بدل الغوص معه إلى الأعماق.. حيث يتربص القرش الأبيض..! نحن ننتحر مع الغرب.. ولعلنا نحب أن ننتحر بين ذراعيه.. لأننا لا نملك نمطا متميزا للحياة خارج نمطه الخاص.. ونقبل التخبط في ظلامه الدامس.. بدل أن نضيء دربا للناس.. ينتشلهم من الاضطراب والتيه.. عالم اليوم رهينة انحرافات خطيرة جدا.. قد يتبدى جانبها المادي في انهيار البيئة واستفحال البطالة والإفلاس المالي وكثرة الحروب وغلبة المصالح على المبادئ.. لكن ماذا عن الوجه الآخر للكارثة؟ هناك مثلث الرعب بأضلاعه الثلاثة.. لكن ليس في برمودا.. بل في عمق المجتمع الغربي.. الذي تنخره الإباحية والإلحاد والشره المادي.. فهل نبحر بسفينتنا بعيدا عن هذا المثلث.. أم نتجه إلى قلبه؟ الراجح.. أن سفينة العرب والمسلمين تائهة في المحيط.. حيث «ابن ماجد» يغط في نوم عميق.. والشياطين تعبد الطريق.. والهاوية التي يقترب منها الجميع.. لا تمنح فرصة للنجاة.. إلا لمن أعاد قراءة خارطة سيره في ضوء هذا البيان.. (أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ الأنعام 122). العالم بحاجة إلينا.. فهل نحن بحاجة إلى أنفسنا؟