يعتبر مركز عبور حي الكاليتوس ببلدية بوروبة صورة حية تعكس معاناة حوالي مائة عائلة حرمت من مسكن لائق يأويها، بدلا من جحيم البيوت القصديرية التي أصبحت في ذات الوقت السبيل الأوحد أمام تفاقم أزمة السكن في بلادنا. ويعتبر أغلب سكان هذا الحي من ضحايا حادث أمني وقع في غضون أيام الأزمة الأمنية و بالضبط في سنة 1994 بحي ديسولي حين تم ترحيل السكان من منازلهم التي تأثرت بالحادث آنذاك، ليستقروا بمركز العبور ببوروبة بمحاذاة مسجد خالد ابن الوليد بحثا عن الأمن، لكنهم ومع مرور الأيام اصطدموا بواقع أمر، فبدلا من التفكير في حل لمشكلتهم المتعلقة بالسكن انتقل اهتمامهم للبحث عن حلول للأمراض التي ألمت بهم جراء سوء المعيشة بالبيوت القصديرية وأثقلت كاهل أرباب البيوت من أجل تأمين الأدوية لأفراد عائلتهم، حيث تبدو للزائر إلى حي الكاليتوس القصديري ببوروبة، مظاهر لا تمت بصلة لتجمع سكني لكون هذه البيوت القصديرية الضيقة لا تصلح لتكون مأوى لمواطنين يعيشون في ظل الاستقلال، فهم مجبرين على تحمل المزيد من المعاناة وتكبد حرارة الصيف وقسوة الشتاء وتحمله من متابع والبيوت القصديرية في آن واحد. ولدى تنقلنا إلى عين المكان أول ما لفت نظرنا انعدام خارطة لهذا الحي الذي تميزه حفر من مختلف الأحجام وأعشاب ضارة، مما يعرقل سير الراجلين أو أصحاب السيارات على حد سواء، كما يعيق تنقل التلاميذ نحو مقاعد الدراسة. وإذا تساقطت الأمطار فحدث ولاحرج، حيث عبر لنا القاطنون بالمركز الذين صادفناهم عن قلقهم و خوفهم من هشاشة بيوتهم القصديرية التي تكون عرضة للتقلبات الجوية، فأحوالهم تزداد سوءا وتدهورا خلال فصل الشتاء خصوصا وأنهم اضطروا لإقامة قنوات لصرف المياه بطريقة تقليدية تفرغ في الخلاء، حين تغمر المياه بيوتهم، مما يؤدي إلى حدوث انسدادات، فتشهد المراحيض والبالوعات فيضانات تخلف روائح كريهة، وعلى إثر ذلك أصبح السكان عرضة للأوبئة وهم يعانون من أمراض مختلفة بسبب التلوث البيئي الذي يهدد حياتهم وحياة أطفالهم. ولا تتوقف معاناة مواطني مركز عبور حي الكاليتوس عند هذا الحد، بل باتت حياتهم جحيما في ظل غياب أهم عوامل الحياة الممثلة في مياه الشرب، بحيث يلزم السكان باقتناء هذه المادة الحيوي من المسجد. أما فيما يتعلق بتزويد الحي بالكهرباء، فقد لجأ السكان إلى توصيل الكوابل بطرق عشوائية من مدرستي «حمة العفري» و«رشيد مادوني». وفي سياق متصل، تمتد مخاوف سكان هذا الحي إلى مستقبلهم ومستقبل عائلاتهم في حال إجبراهم على إخلاء قطعة الأرض المقام عليها الحي والمبرمجة لبناء مشروع 70 مسكن، حيث إن هذه القطعة الأرضية محل نزاع قانوني وقد حسم الأمر لصالح أصحاب المشروع. وفي هذا الصدد، أكد مسؤول ببلدية بوروبة في تصريح ل «البلاد» أن البلدية أصبحت تتحمل عبئا كبيرا بسبب انتشار ظاهرة البيوت القصديرية المتواجدة على مستوى إقليم البلدية، وفيما يخص سكان حي الكاليتوس، فقد كان من المفروض أن يتم إسكانهم في بيوت لائقة في وقت مبكر من الآن غير أن انعدام الإمكانيات للبلدية الكفيلة بإسكان مواطنيها حال دون ذلك، وتسعى السلطات البلدية، حسب محدثنا بالتنسيق مع الوالي المنتدب، لتسطير برامج سكنية والبحث عن الحلول الناجعة للقضاء على البيوت القصديرية التي تشوه صورة البلدية، وسيتم دراسة ملفات العائلات المعنية حالة من خلال تصنيف الأولويات والحالات الأكثر تضررا. وإلى حين ذلك، يبقى سكان مركز عبور حي الكاليتوس ببوروبة في مناشدة السلطات الولائية والبلدية للتدخل العاجل لوضع حد لمعاناتهم، خصوصا خلال فصل الشتاء القادم وما يميزه من برد و تساقط للأمطار. وفي انتظار رأفة السلطات المعنية، يبقى مواطني حي الكاليتوس مجبرون على الاستعانة بأطنان من الصبر عسى أن يأتي الفرج يوما!