«تعيين سلال دليل على تصحيح مآلات الانتخابات التشريعية» رحب حزب الحرية العدالة والحرية بتعيين وزير أول من خارج التشكيلات السياسية المهيمنة على البرلمان، معتبرا «أن السلطة بهذه الطريقة قد أدركت أهمية أخذ تطلعات المواطنين بعين الاعتبار»، وذلك «من أجل تصحيح ما آلت إليه الانتخابات التشريعية الأخيرة من نتائج أوحت بتعطيل حركية التغيير السلمي التي ينشدها المجتمع»، مثلما يرى الحزب. واجتمع المكتب الوطني في جلسة استثنائية برئاسة محمد السعيد في أعقاب الإعلان عن تشكيلة عبد المالك سلال، للنظر على ما يبدو في إيجاد «تخريج إعلامي وسياسي» مقنع، يمكن أن يفسر موقف الحزب من الفريق الحكومي الذي فاجأ الجميع بضمه لوجه كان إلى وقت قريب، يعدّ أحد رموز «المعارضة السياسية» في البلاد، وتوّج المكتب الوطني لقاءه الطارئ ب «بيان إعلامي» لم يتعرض لخلفيات مشاركة رئيس الحزب في الحكومة الجديدة، فقد أبدى البيان الذي وقعه مصطفى هميسي المكلف بالإعلام، أسفه لضعف تمثيل المرأة في الهيكل التنفيذي، وتحدث عن أولويات الحكومة الجديدة، إذ حصرها في إشاعة الجو الملائم لإخراج البلاد مما تعانيه، خاصة الركود والتسيب والحركات الاحتجاجية، وتدهور هيبة الدولة وتفشي الفساد والبيروقراطية وانحطاط القيم والأخلاق، مثلما يضيف بيان الحرية والعدالة. لكن اللافت للنظر أن البيان المذكور تحاشى تماما التعليق على دخول الحزب للحكومة، دون أن يوضح الظروف التي حملته على ذلك أو يحدد خلفيات قبوله بالانتقال إلى مربع السلطة بعدما تأسس على خيار «المعارضة». وقد حاول حزب الحرية والعدالة أن يرسم «تصورا سياسيا» يربط به هذه الخطوة، إذ شددت قيادة الحزب على أن تعميق الإصلاحات السياسية لترسيخ المسار الديمقراطي «لا يمكن أن يجد له معنى إذا لم يتجه بقوة نحو التأسيس لعمل سياسي قوامه الحوار الواسع مع مختلف القوى السياسية ومكونات المجتمع المدني للتوصل إلى توافق وطني يكرس ثوابت الأمة ويرسي دولة المؤسسات في إطار رؤية مستقبلة»، على حد قوله. وأضاف البيان «أن البلاد تعيش في مناخ سياسي إقليمي مضطرب ومناخ اقتصادي دولي متأزم يستدعي ليس فقط تجنيد كافة الطاقات والكفاءات، بل أيضا عملا جادا ودؤوبا لتعزيز تلاحم الأمة تفاديا لمضاعفات الحراك الشعبي العارم الذي لا يمكن تجاهله في المنطقة»، على حد تعبير المصدر. كما اجتهد حزب الحرية والعدالة في تقريب «موقفه التشاركي» إلى الرأي العام، عبر تأكيده على أن المكتب الوطني سيظل متابعا لأداء الحكومة خاصة المتصل منه بتطهير الحياة العامة والتكفل بالانشغالات اليومية للمواطن، مضفيا أن الحزب «على استعداد للتعاون معها متى لمس منها إرادة حقيقية للتغيير، لأنه لا مكان للحسابات والاعتبارات الحزبية عندما يتعلق الأمر بمصير الأمة»، على حد وصف «البيان»، وهي «العبارة الفضفاضة» التي لم نتمكن من فك شفرتها بعدما تعذر الاتصال بقيادات الحزب.