فجأة، انتقل رئيس جيل جديد، جيلالي سفيان، إلى الضفة الأخرى داخل معسكر المعارضة في موقف فاجأ الكثير من المتابعين للشأن السياسي في البلاد، فبعدما كان محسوبا على الأحزاب الموصوفة بالديمقراطية، أصبح اليوم محسوبا على الأحزاب الموصوفة بالوطنية والإسلامية. معيار هذا التصنيف يستند على الموقف من المجلس التأسيسي، وهي العبارة التي أصبحت بمثابة الفاصل بين فريقين في المعارضة والتي تتفق جميعها على ضرورة الدخول في مرحلة انتقالية. غير أن تعريف المرحلة الانتقالية يتخلف بين هذين الفريقين، فالفريق الأول والذي يتشكل من أحزاب محسوبة على التيارين الإسلامي والوطني، يرى بضرورة الدخول في مرحلة انتقالية محددة، يتم خلالها الاتفاق على آليات لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، غير أنها ترفض فكرة المجلس التأسيسي. في حين أن الفريق الثاني وهو الذي يتكون من أحزاب محسوبة على التيار الديمقراطي، وهي تتفق مع الفريق الأول في الدخول في المرحلة الانتقالية، لكنها تصر على ضرورة أن تكون هذه المرحلة فضاء يتم فيها استحداث مجلس تأسيسي، تنتخب فيها مؤسسات الجمهورية الثانية، مثل رئاسة الجمهورية والدستور الجديد. ويشكل هذا التباين بؤرة خلاف بين مختلف أحزاب المعارضة، التي تبحث عن الوصول إلى أرضية توافق لعقد اجتماع شامل لإعداد خارطة الطريق التي تقدمها المعارضة للسلطة، في جلسات الحوار المرتقبة لاحقا، بدليل تأجيل اللقاء الذي كان مرتقبا في نهاية الشهر الجاري، والذي تم تأجيله على السادس من الشهر المقبل. وتبدو المؤسسة العسكرية من حيث موقفها من إدارة المرحلة المقبلة، مختلفة عن الموقفين، لكن موقفها أقرب من العائلة الوطنية والإسلامية منها إلى الأحزاب الموصوفة بالديمقراطية، فهي ترفض المرحلة الانتقالية، ولها حساسية كبيرة من المجلس التأسيسي وكل ما يمت بصلة على التعيين في تولي المسؤوليات، وفق ما جاء على لسان نائب وزير الدفاع، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح. ومعروف عن جيلالي سفيان أنه ومنذ تسعينيات القرن الماضي وهو يختار الوقوف على جانب الأحزاب المحسوبة على التيار الديمقراطي، كما انخرط في سياسة السلطة في تلك الفترة، بعدما سعى أو وافق على تعيينه في المجلس الانتقالي الذي حل محل الهيئة التشريعية التي كانت شاغرة بعد إيقاف المسار الانتخابي في ذلك الوقت. موقف جيلالي سفيان هذه المرة فاجأ المراقبين، لكنه لم يفاجئ من يعرف كيف يتخذ حزب جيل جديد مواقفه، فرئيس هذا الحزب يبدو قدر أنه بأن الموقع الأقرب إلى السلطة في المرحلة المقبلة هو الموقع الذي اختاره، تماما كما حصل في التسعينيات، عندما انحاز إلى السلطة.