الزائر للمنطقة سرعان ما تلفت انتباهه تلك البيوت الهشة، والظروف القاسية التي يتكبدها سكان القصدير منذ سنة 1988، إلا أنه وبالرغم من المناشدات العديدة إلى رفعوها للمسؤولين بضرورة استعجال الترحيل دون جدوى، فسياسة الصمت المنتهجة ضدهم زادت من حدة معاناتهم، حيث رفعت حوالي 180 عائلة انشغالاتها في محاولة منها للعثور على مخرج ينتشلها مما تعيشه منذ أكثر من20 سنة، سيما بعد أن تحوّلت بعض الأكواخ إلى أوكار للممارسات اللا أخلاقية، لتزيد بذلك مخاوفهم على فلذات أكبادهم، وقد شهدنا بدورنا التدهور الذي طال شبكة الطرقات بالحي، التي تفتقر لعمليات التزفيت والصيانة، كما أكد سكان الحي أن الطرقات لم تعبد منذ سنوات طال أمدها، وهو ما يحوّل مسالكها إلى برك مائية وأوحال بمجرد تساقط الأمطار، وهذا ما يتسبّب غالبا في صعوبة سير الراجلين وحتى أصحاب المركبات الذين غالبا ما تُصاب سياراتهم بأعطاب مختلفة، يضطرون إلى تصليحها بمبالغ مالية معتبرة، أثقلت كاهل المواطن البسيط وأفرغت جيوبه، هذا دون الحديث عن مشكل غياب الإنارة العمومية، الذي حوّل المنطقة إلى مرتع للمنحرفين والمتربصين بجيوب المواطن البسيط، وحسب ما أكده أحد المواطنين فإن الخروج في الفترة المسائية يشبه المستحيل سيما وسط الاستفحال الكبير لآفتي السرقة والاعتداءات، وهو ما يحرم المواطنين طعم الراحة والاستقرار. ولم تتوقف معاناتهم عند هذا الحد بل تجاوزته بكثير، لتصل إلى مشكل الانتشار الفضيع للنفايات، التي أصبحت ديكورا يميز الحي، وما زاد من حدة معاناتهم أكثر هو تخوفهم من انتشار الأوبئة والأمراض، سيما وأن فصل الحرارة على الأبواب، مضيفين أن الروائح الكريهة المنتشرة بفعل تراكم أكوام القمامة بطريقة عشوائية تحبس الأنفاس، مؤكدين أنه الأمر الذي غالبا ما يتسبب في تأزم الأوضاع الصحية لدى أولئك الذين يعانون الأمراض المزمنة، كالحساسية المفرطة، الربو وغيرها من الأمراض التنفسية الأخرى، خصوصا في ظل العيش تحت أسقف القصدير التي تزيدها الظروف المناخية صعوبة جراء انتشار الرطوبة، وانبعاث مادة الأميونت من الزنك، بالموازاة مع هذه النقائص يشهد الحي انعدام التوصيل بالمياه والكهرباء والغاز التي تعد من الأساسيات التي من غير الممكن الاستغناء عنها. والخطر يتربّص بحياتهم من كل جانب من جهة أخرى أبدت العائلات القاطنة بالحي القصديري تخوفها الشديد من حدوث ما لا يحمد عقباه، سيما وأن هذا الأخير يتربع فوق أنبوب الغاز الذي يزوّد البلدية، وهو الأمر الذي ينشر الرعب أوساط السكان، حيث أن أي شرارة كهربائية تحدث في فترة ما قد تؤدي إلى الكارثة، بالإضافة إلى انعدام إيصال الحي بالغاز الطبيعي، مما يُجبرهم على اقتناء قوارير غاز البوتان، التي لا تكفي لسد حاجيات التدفئة والطبخ بالنظر إلى الطلب المتزايد عليها، ناهيك عن سرعة نفاذها وارتفاع أسعارها التي أثقلت كاهل العائلات ذات الدخل المحدود. هي معاناة حقيقية أقل ما يقال عنها أنها مأساة يتجرّعها قاطنو القصدير، الذين يجدّدون ندائهم إلى السلطات المعنية بضرورة التدخل العاجل لانتشالهم من الوضعية المزرية التي يعيشونها في تلك البيوت الهشة التي لا تصلح للجنس البشري، وترحيلهم إلى سكنات لائقة قبل وقوع الكارثة. أمينة. م