شيئا فشيئا تعود العلاقات الجزائرية الفرنسية الى التطبيع بعد نحو سنة من الجمود سببه سقوط نظام الرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة، أبرز الرؤساء الجزائريين الأكثر حبا لفرنسا على حد ما كتبته صحيفة “لو موند” الفرنسية بعد أيام من سقوطه تحت ضغط الحراك الشعبي. فقد شهدت الجزائر العاصمة أمس الخميس الدورة ال6 للمشاورات السياسية الجزائرية الفرنسية، على مستوى الامناء العامين لوزارتي الشؤون الخارجية تحت الرئاسة المشتركة لكل من شكيب رشيد قايد الامين العام لوزارة الشؤون الخارجية، و فرونسوا دولاتر الامين العام لوزارة اوروبا و الشؤون الخارجية الفرنسية. بيان لوزارة الشؤون الخارجية أفاد ان الاجتماع يندرج في اطار التشاور المنتظم بين الجزائر و فرنسا، وقد سمح "بدراسة مجمل العلاقات و التعاون القائم بين البلدين، و كذا تسخير الوسائل التي من شانها تعزيزها، طبقا للأجندة السياسية المبرمجة للسداسي الاول من السنة الجارية". الاجتماع كان فرصة لتبادل وجهات النظر حول المسائل الاقليمية و الدولية ذات الاهتمام المشترك، حسب بيان الوزارة، وعلى رأس هذه المسائل كل من الملف الليبي و مسالة الصحراء الغربية و الوضع في الساحل ومالي فضلا عن مسائل اخرى شاملة تتعلق بمكافحة الارهاب و التغيرات المناخية. وكما هو معلوم فإن من بين الملفات التي تم التباحث حولها، هناك ملفان كبيران يوجد فيهما البلدان على طرفي نقيض، الأول هو الملف الليبي، والثاني هو قضية الصحراء الغربية، غير أن بيان الخارجية لم يكشف ما سمعوه من الطرف الفرنسي بهذا الخصوص. ومعلوم أن فرنسا وعلى مدار عقود بقيت رهينة مواقفها الداعمة لاحتلال الصحراء الغربية من قبل للمملكة المغربية، متجاوزة كل الاعراف والمواقف الدولية، وخصوصية علاقاتها مع الجزائر حتى في عهد الرئيس المخلوع، الذي قدم لباريس كل ما كانت تتمناه وتحلم به من دون مقابل. الموقف الفرنسي من القضية الليبية يبدو أيضا وكأنه يستهدف الاضرار بالمصالح الجزائرية في دولة جارة تعتبر عمق الأمن القومي للبلاد، وهو أمر يدعو الى التوقف عند طبيعة العلاقات بين الجزائر وباريس والتي يجب أن تسقط عنها تسمية العلاقات الخصوصية كما كانت تسميها سلطات البلدين في عهد الرئيس المخلوع. وبما أن الرئيس المخلوع لم يعد له مكان في صناعة القرار، فإنه يتعين على السلطات الجديدة إعادة النظر في العلاقات مع فرنسا، وجعلها ندية تتحدد من خلال مواقف المستعمرة السابقة ومدى احترامها للجزائريين وعدم الاضرار بمصالحها.