شيئ جميل أن تنتبه أخيرا وزارة التربية الوطنية لكارثة الغش التي عاشتها منظومتنا التعليمية طوال العقود الماضية، وأن تقرر تجريمها وتحويلها من العقوبة الادارية فقط، الى العقوبة القضائية. ما ذكره وزير التربية الوطنية محمد واجعوط حول تجريم الغش الذي يمس بنزاهة ومصداقية الامتحانات، كنا نتمنى أن نسمعه منذ زمن بعيد، وقبل أن يتحول هذا السلوك المشين، إلى ثقافة عامة، يمارسها الجميع من التلميذ في الابتدائي الى الطالب الجامعي، إلى مذكرات التخرج في الماستر وحتى الدكتوراه، وبالتالي فإن علاج هذا السرطان الخطير، لن يكون سهلا أبدا، خاصة إذا علمنا أن جل المناصب المرموقة منها والوضيعة، يحتلها أناس وصلوا اليها بالغش. هذا يعني : أن المشكلة أعمق من مجرد محاربة الغش في المدارس، لأن ذلك يمثل مظهرا واحدا من أشكال الغش المتعددة التي يتعرض لها ويمارسها المجتمع مع وضد نفسه، وهي تمتد الى غاية الممارسة السياسية وعمليات بيع الأصوات والمقاعد بملايير السنتيمات في الانتخابات كما ظل يفعل الأفلان ومن هم على شاكلته. كما يعني أن الغش المدرسي، يمشي جنبا الى جنب مع التزوير الانتخابي، وهذا الأخير هو السبب المباشر في تفشي كل أنواع الغش الأخرى، بما فيها الغش في المدرسة والغش المجتمعي بداية من بائع الطماطم الى بائع الذهب، وبالتالي فالأجدى والأنفع والله أعلم، هو توسيع دائرة العقوبة القضائية ضد كل أنواع التزوير الانتخابي، وتسليط أقصى العقوبات على من يقوم بها، وعندها فقط يمكن أن نتوسم في الجزائر الجديدة الصفاء والنزاهة والعدل والانصاف.