اتخذت ظاهرة سرقة الهواتف النقالة منعرجا خطيرا و فرضت نفسها في كل مكان، و أضحت هذه الجريمة تحتل المكانة الأولى في قاعة جلسات محاكم العاصمة، حيث يتم معالجة ما يقارب خمس أو سبع قضايا من هذا النوع يوميا،قد يصل بضحاياها الأمر إلى الموت، وأغلبها قضايا يتورط فيها شباب لا تتجاوز أعمارهم العشرين سنة، يستعملون فيها السلاح الأبيض لتنفيذ عملية السرقة، و تحوّلت الأماكن العمومية ملاذ للصوص في اصطياد ضحاياهم . حيث أصبحت مشاهد سرقة الهواتف النقالة تتكرر كل يوم في شوارع العاصمة أو محطات النقل، أين ينشط لصوص الهواتف النقالة بكثرة في اصطياد ضحاياهم، مستغلين في ذلك الأماكن الزحمة ليسلبوهم هواتفهم ، مستخدمين أساليب عدة للسرقة بين النشل و الخطف ، حيث يتواجد اللص بين الناس ويستغل فرصة انشغالهم، وعادة لا يقوم اللص بالسرقة لوحده ، إذ يرافقه في تنفيذ جرمه شريك ، والأدهى والأمّر أنك قد تقوم بإخراج هاتفك للاتصال أو الرد على مكالمة فيختطفه من بين أيديك في لمح البصر ويلوذ بالفرار، هذا ما حدث لصوريا ، وهي طالبة جامعية، حيث تعرّضت لسرقة هاتفها النقال بمحطة نقل المسافرين بالرويبة عندما كانت بصدد الردّ على مكالمة هاتفية، مما دفعها لإيداع شكوى لدى مصالح الأمن، حيث تبيّن أن الفاعل هو مسبوق قضائيا في قضايا السرقة، وقد تم توقيفه ، حيث مثل أمام محكمة الرويبة للجنح لمواجهة جنحة السرقة، غير أنه عند مواجهته مع الضحية التي تعرّفت عليه أنكر التهمة جملة وتفصيلا، وفي قصة أخرى جرت أطوارها داخل حافلة نقل المسافرين باتجاه بلدية عين طاية، حيث كانت الحافلة مكتظة عن آخرها ، ليتعالى صراخ إحدى السيدات بعدما اكتشفت اختفاء هاتفها النقال الذي كان بحقيبتها اليدوية، والذي يحوى صور خاصة بها وبعائلتها، في حين كاد عبد الله الذي يشتغل بناء وأب لثلاثة أطفال أن يفقد حياته على يدي أحد اللصوص ، الذي قام بمباغتته عندما كان في طريق العودة إلى المنزل بحي بن زرقة ، أين قام بطعنه على مستوى الكتف والاستيلاء على هاتفه النقال الذي لا يتجاوز سعره 5000 دج ، وهرب إلى جهة غير معروفة. شاب من "تابلاط " يتعرَّض لطعنات الموت بسبب هاتفه لم يجد ثلاث شبّان ساروا على درب اللصوصية من طريقة تحصّلهم المال الكافي من أجل استقالة " كلوندستان " يصطحبهم إلى مدينة قسنطينة لمناصرة فريقهم المفضّل ، سوى اعتراض طريق شاب في وضح النار أثناء تواجده على مستوى محطة نقل المسافرين "بومعطي " ، حيث طلبوا منه تسليمهم هاتفه النقال ، غير أن الضحية أبدى مقاومته لهم ، فلم يتوانوا في توجيه له طعنات الموت ، إذ سلبوه على إثرها هاتفه و تركوه غارقا في دمائه. و قد طرحت قضية الحال مؤخرا أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة ، و بالرجوع إلى الوقائع فإنها تعود لتاريخ 24 أفريل 2008 ، وبالتحديد في حدود الساعة منتصف النهار، بينما كان الضحية " ل.ف" المنحدر من المدية في محطة الحفلات ببومعطي متجها إلى مقر عمله، تقدم منه ثلاث أشخاص من أجل سرقته من بينهم قاصر، وطلبوا منه تسليمهم هاتفه النقال، غير أنه رفض و أبدى مقاومته لهم ، فحاصروه وقام أحدهم بمسكه من الخلف ، بينما قام الثاني بتوجيه له طعنتين خطيرتين بواسطة سكين، إحداهما على مستوى الكتف والأخرى على مستوى الظهر، وبعد سقوطه أرضا سلبوه هاتفه النقال وتركوه ينزف جرّاء الإصابة، ثم غادر المتهمون المكان ، وقاموا ببيع الهاتف بمبلغ 5000 دينار، ثم اتجهوا إلى ولاية قسنطينة على متن سيارة"كلوندستان" لمشاهدة المباراة التي جمعت إتحاد الحراش بشباب قسنطينة . أما الضحية فقد تم نقله على جناح السرعة إلى مستشفى زميرلي، أين خضع لعملية جراحية، واستفاد من شهادة طبية تثبت عجزه الدائم عن العمل ، و إن نجى ضحية قضية الحال من الموت بقدرة قادر ، فإن آخرين كانت هواتفهم النقالة سببا كافيا في مفارقتهم الحياة ، و تعدادهم في قائمة الموتى بعد حادثة سرقة هاتف جرت معهم. لصوص لم يردعهم السجن في العدول عن سرقة الهواتف لعلّ الأدهى ما في الأمر أن العديد من اللصوص يتم القبض عليهم ومحاكمتهم، وبانقضاء مدة عقوبتهم يعودون من جديد إلى ممارسة عملياتهم المتعلقة بسرقة الهواتف النقالة، وهو الأمر الذي ينطبق على أحد اللصوص ، وهو شاب في مقتبل العمر، حيث مثل تقريبا في خمسة قضايا كلها متعلقة بسرقة الهواتف النقالة، وفي كل مرة يدخل فيها السجن، وبانتهاء مدة العقوبة يعود لمهنة السرقة، وفي كل مرة يقف أمام القاضي يبرر فعلته بظروفه الاجتماعية، و بكونه المعيل الوحيد لعائلته بعد انفصال والديه، وفي هذا السياق تحدث أحد العاملين بشركة المتعامل النقال نجمة أن عدد المواطنين الذين يأتون يوميا للحصول على بطاقات جديدة نتيجة سرقة هواتفهم في ارتفاع مستمر، وكذا المتصلين الذين يطالبون بإيقاف تشغيل خطوطهم النقالة خوف من استعمالها في أعمال غير قانونية. انتشار "الدلالة " .. سبب تنامي ظاهرة سرقة الهواتف النقالّة هناك من يرى أن ما يشجع على تنامي عمليات سرقة الهواتف النقالة هو وجود سوق موازي يعرف ب "دلالة"، التي يتم بيع فيها الهواتف النقالة دون رخصة، والتي تعدٌ تقريبا كلها مسروقة. كما يوجد باعة محلات يتعاملون مع لصوص الهواتف و يعملون على إعادة بيعها للزبائن، حيث لا يوجد لسارق دون مشتري للمسروق، هذا ما قاله كريم ، صاحب محل لبيع الهواتف النقالة بإحدى شوارع العاصمة ، و الذي أضاف مشددا بالقول " أنه يجب ضرب الظاهرة من جذورها" ، مشيرا أنه لا وجود لإجراءات ردعية ضد بائع المسروق، بدليل أن الأسواق والمساحات العمومية في ''الحراش'' و''العقيبة'' و''باش جراح'' و''الساعات الثلاثة'' وكل ''دلالات'' المدن الجزائرية ، تعج بالذين يبيعون أشياء مجهولة المصدر، خاصة قطع الغيار و أكسيسوارات السيارات، بل أن الأمر تعدّى هذه المساحات، فمنذ أن عرفت الجزائر الهاتف النقال الذي تطوّرت سوقه بشكل سريع وغير مسبوق مقارنة بالدول الأخرى، ومحلات بيع الهواتف النقالة و إكسسواراتها تنمو كالفطريات في كل الشوارع والبازارات والأسواق، ويكاد من بين 3 هواتف نقالة معروضة للبيع، هناك هاتف نقال مستعمل لا يعرف مصدره. المشكلة في الجزائر، وبغض النظر عن أن القانون يعاقب بيع أي منتوج دون فوترة أو تحديد هويته، حتى وإن لم يكن مسروقا، إلا أن السؤال الذي يطرح : من هذا الذي يشتري جهاز ''آيفون'' بستة ملايين سنتيم ، ليعيد بيعه بعد ثلاثة أشهر أو أربعة وربما أقل بأقل من نصف سعره، لنجده في رفوف هذه المحلات بثلاثة ملايين سنتيم ؟ يبدو الأمر غريبا، والمرجح أن الجهاز وصل إلى هذه المحلات بعد سلسلة من الباعة والمشترين لهاتف سرق من فتاة أو سيدة أو شاب. لا يبدو الأمر سهلا، ولكن ليس مستحيلا، يكفي أن نضرب الظاهرة في جذورها ونحارب باعة المسروق كي نقضي على السارق، كما أظهرت إحصائيات مصالح الأمن أن الظاهرة أخذت منحى تصاعديا مخيفا ، وعلى الرغم من الإجراءات المتخذة ، وفي مقدمتها التنبيه إلى خطورة ما يتعرّض له من وجد بحوزته هاتف نقال مسروق من عقوبات. الجانب القانوني : عقوبة سارق الهاتف قد تزيد عن 5 سنوات حبسا في هذا الموضوع يرى بعض المحامين أن جرم السرقة الذي يكون مرفوقا بالتهديد والاعتداء يعاقب المتهم في القضية بالحبس ما بين 3 إلى 5 سنوات مع دفع غرامة مالية، وإذا كانت السرقة من غير تهديد ، فالحكم هنا يكون بعام حبسا نافذا مع غرامة مالية، وفي بعض المواقف يخفف الحكم ما بين شهرين إلى 6 أشهر حبسا، كما تشدد العقوبة في حالة وجود اعتداء من طرف لصين أو أكثر من اثنين، أما إذا كان السارق لوحده فإن العقوبة تخفف عليه، ويضيف محامينا عن هذه الظاهرة التي تأخذ عدة أشكال تستعمل فيها عدة وسائل من أجل ارتكابها كالسيارة، الدراجة النارية، أي كل ما هو متحرّك متنقل وتكون مرفوقة بالهروب ، وإذا تم القبض على الفاعلين ، فالحكم الذي يصدر بحقهم يكون من 5 سنوات حبسا فما فوق مع غرامة مالية، خاصة إذا كانت في ظرف الليل من الساعة 8 مساءا إلى 4 صباحا . شهرزاد.م