عاد ت مجددا قضية ارتداء الخمار والمدرسة، كمادة لنزاع الانتخابي بين أحزاب اليمين و اليسار في حالات تداخل فيها هذه المرة القضاء في وسط ميزته الضبابية والتضارب في الآراء، ليصنع حلبة صراع مصالح وقودها المهاجرين والجالية المسلمة، بعد دراسة مجلس الدولة الفرنسي لطلبات خاصة باعتماد اللائكية بشدة في المؤسسات التربوية تحضر لمنع مرافقة المحجبات للتلاميذ وإعادة وتثمين ما يعرف بوثيقة "لوك شاتيل" وزير التربية خلال ولاية ساركوزي، الأمر الذي وضع مجددا المهاجرين في عين الإعصار ووضعهم في مواجهة جديدة من أحزاب ومنظمات تريد إبعاد الدين عن المدرسة. أثارت قضية مرافقة النساء المحجبات الأطفال للمدارس، جدلا كبيرا وسط الجالية المسلمة و المهاجرين بفرنسا، بعد نشر رد مجلس الدولة الفرنسي لطلبات خاصة بتشديد اعتماد الائكية في المدارس من خلال منع مرافقة المحجبات للمدارس، حيث اكتفي مجلس الدولة الفرنسي وهو أعلى هيئة قضائية بالبلاد بعدم" إلزامية إظهار الحياد الديني للمرافقات التلاميذ للمدارس"، في وقت تمسكت فيه وزارة التربية الفرنسية بمنع ارتداء الخمار الأمهات التلاميذ اللواتي يرافقن أبنائهن للمدرسة، وهو ما جعل العديد من المهاجرين والجمعيات المدافعة عن حقوقهم يتحججون من الضغط الذي مارسته أحزاب اليمين لمنعهن من حق مرافقة أبنائهن للمؤسسات التربوية بسبب الخمار، واعتبرته إقصاء مباشر سيؤثر كثيرا على تمدرس أبناء الجالية، ويأتي نشر مجلس الدولة لرده على طالبي اعتماد اللائكية بشكل واسع في المدارس ، أيام فقط من الضجة التي أثارها مشروع الإدماج الذي أعدته لجنة خبراء لصالح الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، لتحقيق اندماج أفضل للجاليات الأجنبية بفرنسا، واعتمد مجلس الدولة الفرنسي على نقطة أن النساء المحجبات المرافقات للتلاميذ لسن أعوان عموميين ملزمين بالحياد الديني. ودعت أحزاب اليمين المتطرف وفي مقدمتها، ماري لوبان، إلى الالتزام بالمنع، ودعت في بيان لها، إلى ضرورة إلزام الجالية المسلمة بمنع ارتداء الخمار خلال مرافقة أبنائهن للمدارس، للحفاظ على مبدأ اللائكية والمبادئ الجمهورية بصفة عامة وتحقيق المساواة . وأظهر مجلس الدولة الفرنسي بشأن هذه القضية عدم المنع، واستند في ذلك إلى كون النساء المحجبات المرافقات للتلاميذ، كخواص وليس أعوان للدولة يلزمون بالحياد الديني إلى حد ما، لكنه أشار في ختام النص إلى أن تعليمة الوزير السابق للتربية لوك شاتيل الخاصة باللائكية في المؤسسات التربوية أنها لا تزال سارية المفعول، وهو ما جعل المهاجرين و الجالية المسلمة رهينة نوع من الغموض الذي يمكن استخدماه حسب الحالات وتكييف حسب الحالات، غير أن ذات الهيئة ذكرت أن استثناءات" الحفاظ على النظام العام وحسن سير الخدمة العمومية من شأنه أن يؤدي إلى اشتراط أو فرض قيود، يؤكد مجلس الدولة " بعد دراسته مجددا لتعليمة "شاتيل " الداعية لللائكية، وهو ما أظفى ضبابية أكثر على الموضوع وجعل المهاجرين يتوقعون تكييفها حسب الحالات، النص الخاص بمنع ارتداء الخمار خلال اصطحاب الأطفال الذي خضع للمعاينة والدراسة، أعده الوزير السابق للتربية لوك شاتيل سنة 2012، خلال ولاية نيكولا ساركوزي، وأعيد طرحه من جديد بعد تناول مجلس الدولة الفرنسية لدراسته من جديد بطلب من جهات فرنسية، حيث يطلب بالدراسة لمرسوم شاتيل أنها تبقى سارية المفعول المدرسة فضاء عام يجب الحفاظ عليه، وقالت الناطقة باسم الحكومة نجاة بالقاسم "أن الحكومة حريصة على حرمة المدرسة وأن لا تتحول إلى مصدر للتبشير". والمثير للجدل، أن وزير التربية الحالي المحسوب على حكومة فرانسوا هولاند ،عبر صراحة عن تمسكه بوثيقة لوك شاتيل، الداعية للإرساء اللائكية في المدارس، ودافع عن فكرة منع مرافقة المحجبات للتلاميذ للمدارس، الأمر الذي أثار حفيظة بعض الجمعيات الفرنسية، ومنهم رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، عبد الله زكري، الذي فسر الأمر بالازدواجية الصارخة في المواقف، حيث قام الوزير الحالي للتربية الذي عبر عن تمسكه بوثيقة شاتيل المانعة للاصطحاب المحجبات للتلاميذ للمدارس، واستشهد الوزير الحالي عن اعتماد وثيقة "شاتيل" المانعة الاصطحاب المحجبات للتلاميذ، وحذر عبد الله زكري من ممارسة سياسة الإقصاء، لأنها تقود إلى الانعزالية وتظهر بالهوية وتعطي فرصة للأصوليين للظهور في شكل ضحايا السلطة. وتعد الوثيقة المثيرة للجدل سوى مادة أخرى ستستخدمها أحزاب اليمين واليسار لتنشيط الساحة السياسية الفرنسية، استعدادا للانتخابات المقبلة.