غالبية المشرعين لم يعرفوا الخطأ، بل اكتفوا بتبيان صوره، وهي الصور التي تتضح في الغالب بمناسبة تجريم الجروح الخطأ والقتل الخطأ، وهو ما فعله المشرع الفرنسي في المادتين 319 و320 من تقنين العقوبات الفرنسي، التي أوردها المشرع الجزائري في المادتين 288 و289 من تقنين العقوبات الجزائري، وهي صور تبين بأن الخطأ هو إخلال الجاني بواجبات الحيطة والحذر التي تتطلبها الحياة الاجتماعية حتى ولو لم يتوقع النتيجة الإجرامية، كونه كان بإمكانه أن يتوقعها، لذا توصف إرادته في هذه الحالة بأنها آثمة لمجرد أنها لم تلتزم باتخاذ التدابير اللازمة لتفادي وقوع النتائج الضارة والمحظورة المترتبة عن سلوكه. و عليه يظهر بجلاء الفرق بين الخطأ الجنائي والقصد الجنائي، كون الإرادة في الأول تسيطر على السلوك المادي دون النتيجة، هذه الأخيرة التي قد لا يكون يتوقعها أصلا، أو توقعها واعتقد أنه بإمكانه تجنبها، بينما في القصد تسيطر الإرادة على ماديات الجريمة وتسعى أيضا لتحقيق النتيجة وترغب فيها، لكن هذا القول لا يعني إطلاقا انعدام أية علاقة بين النتيجة والإرادة في الجرائم غير العمدية ، بحيث أنه إذا ثبت بأن هذه العلاقة منعدمة فلا تقوم الجريمة ولا يسأل المتهم على النتيجة لأنه لم يثبت الخطأ في جانبه متى اتخذ قدر معين من الحيطة والحذر، أي اتخاذ جانب من الحيطة والحذر كافي لنفي القصد الجنائي.