ظلت شاربات بوفاريك سيدة العصائر الرمضانية لسنوات طويلة، لا ينازعها أي مشروب آخرعلى مائدة الإفطار، غيرأن هذا المشروب لم يسلم من التزييف و التقليد المبتكر الذي أدخل عليه تحسينات جديدة أفقدت شاربات بوفاريك ذوقها الأصيل، و جعلها لا تختلف عن بقية المشروبات التجارية الأخرى. بوفاريك قبلة الجزائريين للحصول على الشربات الأصلية ولمعرفة رأي المواطن الجزائري حول التجديدات التي طرأت على هذا المشروب، كانت وجهتنا مدينة بوفاريك التي تعد عقر دار هذا المشروب، و بالضبط بضواحي شارع بوفرة أين شهد ازدحام كبير للسيارات، فالجميع يبحث عن مكان لركن سيارته من أجل الظفر بلتر من شربات المدينة، سواء من بائعي التجزئة أو المواطنين الذين يتسابقون في عرض منتوجهم، وأول ما لفت انتباهنا ونحن نقوم بهذه الجولة الإقبال الكبير على محلات عمي بوعلام لبيع الشربات الذي عرفنا من بعض زبائنه كونه يتمتع بخبرة كبيرة في إعداد شاربات بوفاريك ورثها أبا عن جد، حيث تحمل الجميع ارتفاع درجة الحرارة و اكتظاظ المكان و لسعات النحل، من أجل التمتع بنكهة بوفارياك الأصيلة ساعة إفطارهم، حيث صرح لنا علي، 42سنة، الذي كان ينتظر دوره في شراء الشاربات أنه تعود على طعم شاربات الحقيقة التي لا يجدها إلا في مدينة بوفاريك، ولايعترف بغيرها من شاربات المزيفة التي لا تحترم معاييرها الحقيقية، وتفاجآنا بقدوم ياسين، 35 سنة، من العاصمة الذي كان بصحبة بنتيه و قطع تلك المسافة الطويلة خصيصا لاقتناء شاربات بوفاريك والظفر بنكهة شاربات زمان، قائلا:"لا يمكنني الاستغناء عن نكهة هذا الشاربات الذي أجد فيه سرا يختلف عن بقية العصائر و لا يمكنني تعويضه بآخر، حتى أن أبنائي أيضا تعودوا عليه في شهر رمضان و أصبحوا يطلبون مني شراءها". التكتم على سر شاربات بوفاريك الهمّ الوحيد لصناعها و يبقى السؤال ذاته مطروحا لدى العامة منذ سنوات بعيدة عن سر خلطة شربات بوفاريك التي سحرت قلوب عشاقها و جعلها في مقدمة كل العصائر و المشروبات الرمضانية، فالجميع يسعى للظفر بها و استخدامها للفوز بنكهة شاربات بوفاريك الأصيلة، غير أن قليل منهم من يسعفه الحظ للفوز بها و من ثمّ الحرص الشديد على التكتم عليها كسر لا يمكن كشفه للعامة، عن هذا السر الذي يسعى الجميع خلفة يقول محمد، 54 سنة، مختص في الشربات منذ عشر سنوات، قائلا: تعلمت سرها من والدي رحمه الله الذي بدوره تعلمه من والده" مضيفا أن سر نجاح هذه الخلطة هو حبها و تحضيرها بنية خالصة، ويبقى التكتم عن سر إعداد الشربات القاسم المشترك بين جميع البائعين ا في بوفاريك و غيرها من المناطق من اجل الظفر بأكبر عدد من الزبائن، في هذا الصدد، يقول بشير،31سنة، الذي يقوم بمهمة إعدادا لشاربات شخصيا بمحله، في حين يتولى شباب عملية البيع قائلا: حصلت على طريقة صنع شاربات بوفاريك بصعوبة من أحد معارفي، ولست مستعدا منحها لشخص آخر مهما كانت درجة قرابته مني"،في حين يعتبرها آخرون مجرد وصفة لا تختلف عن بقية الوصفات، إلا أن الفارق الوحيد هو الجدية في تحضيرها و عدم التلاعب في المكونات دون غش، كون الشاربات الأصلية تعتمد على عصير الليمون الطازج، في حين يستخدم تجار كثيرون نكهات اصطناعية و ملونات من اجل الربح السريع، خاصة لدى شباب اليوم الذين يعتمدون على هذا النشاط في شهر رمضان فقط، فلا يهمهم أصالة الوصفة الحقيقية و مدة توافقها مع المعايير الصحية. شاربات اصطناعية أفقدت البوفاريكية أصالتها ومع تنافس الجميع لاقتناء شاربات بوفاريك، خاصة الذين لا يحبذون المشروبات الغازية، لم تبقى شربات بوفاريك وحدها تعتلي عرش العصائر والمشروبات الرمضانية، بل زاحمتها شربات من نوع جديد، أدخل عليها مبتكروها تحسينات أفقدتها ذوقها التقليدي وجعلتها مجرد مشروب لا ترقى للجودة المتعارف عليه في شاربات بوفاريك ،حيث عرف السوق الجزائري ظهور أنواع مختلفة و عديدة من عصائر مزيفة لشاربات بوفاريك، لا علاقة لها بالذوق الحقيقي و الطبيعي لشاربات بوفاريك، كونها مجرد عصير اصطناعي مضاف له ملون الليمون، هذا ما صرح لنا به معظم من تحدثنا إليهم حول رأيهم في شاربات بوفاريك التي تزخر به الأسواق في شهر رمضان، تقول أسماء،42سنة:"لقد فقدت شاربات بوفاريك ذوقها الأصيل و أصبحت مجرد تقليد لا تتفق في معاييرها للشاربات الصحية، مجرد نكهات و ملونات لا غير، و لذلك أصبحت أتجنبها و أفضل العصائر المتعارف عليها، على الأقل مضمونة"، في حين صرح لنا زين الدين،28 سنة، أن ما يتواجد في السوق لا علاقة له بشاربات بوفاريك الطبيعية، بل مجرد مشروب اصطناعي يقوم أصحابه باستغلال الزبائن باعتبارها شاربات طبيعية، مضيفا أنه امتنع عن إدخال هذه المشروبات التي يجهل طريقة صنعها، وتظل زلابية بوفاريك مقترنة مع شاربات بوفاريك التي لا يمكن فصلها بعضهما، فالكل يسعى لاقتنائها مع التي تختلط فيه رائحة الزلابية مع الليمون المنبعث من الشاربات.