دعا الوزير الأول عبد المالك سلال الأساتذة والمعلمين إلى المساهمة في تكريس الاستقرار الوطني وإبقاء المؤسسات التربوية بعيدا عن "التسييس". وخلال إشرافه على انطلاق أشغال الندوة الوطنية لتقييم الإصلاح المدرسي التي يحتضنها قصر الأمم, توجه سلال إلى مجموع الأساتذة والمعلمين وعددهم 450 ألفا, داعيا إياهم إلى المساهمة في تكريس الاستقرار الوطني الذي يرتكز بدوره على الاستقرار الاجتماعي. وشدد على المهمة الأساسية للمدرسة التي "يجب أن تبقى بعيدة عن كل تسييس وعن كل نوع من المزايدات" ليضيف بأنه "من حق المدرس أن يكون مناضلا لكن خارج أسوار المؤسسات التربوية". واغتنم الوزير الأول المناسبة ليجدد تأكيده على أن الدولة تتحمل مسؤولياتها أمام المطالب التي ترفعها النقابات الممثلة لفئة الأساتذة بحيث "ستبذل جهدها للتجاوب معها" غير أنه دعاها بالمقابل إلى "تقدير الظرف" الذي تمر به البلاد. وقال "من الصعب أن أتقبل فكرة الإضراب المفتوح الذي يرهن مصير التلاميذ, صحيح أننا مع الحق النقابي لكن هذا النوع من الاحتجاجات يفتح الباب أمام انعكاسات سلبية منها لجوء التلاميذ إلى أساليب الغش من أجل النجاح بأي ثمن حتى لو تطلب ذلك استخدام التكنولوجيات الحديثة", على غرار ما تم تسجيله خلال امتحانات البكالوريا لهذا الموسم. ومن جانب آخر, تطرق سلال إلى النتائج التي قد يفرزها هذا النوع من الإضرابات على الأساتذة حيث قال في هذا الصدد "لا يمكنني أن أتصور أن يصبح المعلم مضطرا للمثول أمام العدالة ومعرضا لعقوبة السجن", ليشير إلى أنه قد "حان الوقت لتحكم أحسن في التعامل بين المعلمين والوصاية من خلال تغليب أسلوب الحوار" وهو الخيار الذي ستمنحه الحكومة كل الفرص, على حد تأكيده. ورافع سلال من أجل التغيير "التدريجي" لكيفية التعليم, داعيا إلى الرجوع الى "الأساسيات" في المدرسة الجزائرية. وأكد الوزير الأول في كلمة ألقاها في افتتاح الندوة الوطنية حول تقييم إصلاح المنظومة التربوية بانه "لابد من الرجوع إلى الأساسيات في المدرسة الجزائرية وهي القراءة والكتابة والحساب" خاصة في مرحلة التعليم الابتدائي, داعيا الى التغيير "التدريجي" في كيفية التعليم وتوجيه التعلم نحو العلوم والتكنولوجيا. وقال "بات من الضروري حاليا الاستثمار أكثر في تعليم التكنولوجيا والرياضيات لانها العلوم التي تسمح بالتحكم في الاقتصاد والتطور العلمي". وقال إن "المهم هو ارساء اسس مدرسة ذكية بالاستعمال الامثل للتكنولوجيات الحديثة للاعلام والاتصال وليس بالإعتماد على الغش في الامتحانات والاختبارات" في إشارة منه الى ما حدث مؤخرا في امتحان شهادة البكالوريا. ولم يفوت الوزير الاول فرصة اللقاء مع مختلف مكونات الاسرة التربوية ليتحدث عن الاهمية الواجب ايلائها للعنصر البشري في قطاع التربية قائلا بأن "أحسن استثمار اقتصادي واجتماعي وحضاري يكون في العنصر البشري". وقال ان التحدي الواضح هو"بناء الكفاءات الوطنية وتطويرها بشكل مستمر وهو تحدي لابد من تحقيقه من خلال اضطلاع المدرسة الجزائرية بمهمتها الاساسية، وغرس الحس النقدي لدى ابنائنا من أجل هدف واحد وتكوين المواطن الجزائري الصالح". وتطرق سلال إلى التعليم الخاص في الجزائر, مشددا في هذا الإطار على ضرورة إحترام ثلاثة مبادئ وهي الشراكة والمسؤولية والثقة. وتابع: "من شأن هذه المبادئ تمكين المدرسة الخاصة من لعب دورها ان تكون شريكا حقيقيا للقطاع العام مؤكدا تشجيع الحكومة لهذا النوع من التعليم "دون أي مشكل شريطة ابتعاده عن الانزلاق والتقهقر". ومن بين النقاط التي اثارها الوزير الاول ظاهرة الدروس الخصوصية التي وصفها ب"المدرسة الموازية", مؤكدا انه "من اللازم تنظيم هذه الدروس بصفة جذرية وواضحة مع احترامها للمبادئ الكبرى وللمحيط". وشدد سلال على ضرورة إحترام القواعد الاساسية للمدرسة الجزائرية سواء بالنسبة للتلاميذ او الاساتذة من خلال العمل معا وفي جو من الاستقرار. وأعلن سلال بالمناسبة عن إمكانية الرجوع إلى البكالوريا المهنية من منطلق "تكافؤ الفرص" بين كل التلاميذ.