25 سنة على إتفاق وقف إطلاق النار، ربع قرن من التعنت المغربي و التقاعس الدولي تجاه قضية الصحراء الغربية إنقضت، 25 سنة كاملة على توقيع إتفاق إطلاق النار بين طرفي النزاع في الصحراء الغربية "جبهة البوليساريو والمغرب" و البعثة الأممية لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو"، لتكون هذه السنوات شاهدا على حجم معاناة الشعب الصحراوي الرازح تحت الإحتلال و تقاعس المنظومة الدولية في تطبيق بنود هذا الإتفاق. فبعد مرور 25 سنة على توقيع هذه الوثيقة (1991) التي وضعت حدا للحرب المسلحة (1975-1991)، لم يتحقق الغرض الذي أسست من أجله بعثة "المينورسو" بعد وقف إطلاق النار وهو تنظيم استفتاء حر عادل ونزيه يقرر من خلاله الشعب الصحراوي مصيره مثلما تقتضيه الشرعية الدولية. وعلى مدار الربع قرن الماضية، حصلت تطورات ميدانية لم تواكبها البعثة الأممية ولم تفرض هيبتها كبعثة مخول لها مراقبة الإقليم، من بينها "انتفاضة الاستقلال" في المناطق المحتلة في 21 مايو 2005، وما نتج عنها من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الصحراويين العزل، وهو ما بات يفرض على المجتمع منحها صلاحية مراقبة حقوق الإنسان كباقي بعثات حفظ السلام في العام. ومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ وذلك بإشراف من الهيئة الأممية ومنظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي حاليا) وبعثة المينورسو تباشر مهامها في المنطقة في ظل العراقيل المغربية التي تصطدم بعملها والتي أدت إلى استقالة عدد من المبعوثين الشخصيين للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية نتيجة التعنت والتمرد المغربي على الشرعية الدولية وهو الذي أدى إلى فشل البعثة الأممية في تحقيق الهدف الذي أنشئت لأجله "تنظيم استفتاء لتقرير المصير". ففي مارس 2015 أقدم المحتل المغربي على طرد المكون المدني والسياسي للبعثة الأممية، معتبرا ذلك "قرارا سياديا لا رجعة فيه"، إلا أنه أجبر على العدول عنه والقبول المبدئي برجوع أعضاء البعثة. إلا أن سلطات الإحتلال لازالت تواصل وضع العراقيل الميدانية أمام استكمال مهمة البعثة الأممية، من خلال نهجها التصعيدي العدواني، حيث أقدمت مؤخرا على خرق جديد لبنود وقف إطلاق والذي تمثل في خروج قواته العسكرية من منطقة "الكركرات" نحو المنطقة العازلة في محاولة لتغيير المعطيات على الأرض. — أحداث الكركرات تؤكد إستماتة الصحراويين من أجل أرضهم — في غضون ذلك، لا يزال النظام المغربي يعرقل المسار السياسي لإيجاد حل للقضية الصحراوية وهو ما يملي، أكثر من أي وقت مضى، ضرورة التحرك العاجل للمجتمع الدولي بمختلف هيئاته وخاصة مجلس الأمن الدولي لاتخاذ الإجراءات الفورية للحيلولة دون تفاقم الأوضاع، ووضع حد لمثل هذه السلوكات التي تمس من مصداقية مجلس الأمن وتهدد، بشكل جدي، بنسف جهود التسوية. وأبانت أحداث الكركرات الأخيرة على تمسك الصحراويين بإستقلالهم و تعلقهم الشديد بأراضيهم المحررة و المحتلة وذلك من خلال الترحيب الشعبي الواسع لتمركز وحدات الجيش الصحراوي في منطقة التوتر بالكركرات لصد تحركات جيش الإحتلال خارج جداره العازل. كما أن جبهة البوليساريو أبلغت في منتصف شهر أغطس الماضي رئيس بعثة الأممالمتحدة في الصحراء الغربية " المينورسو " بمخيمات اللاجئين يوسف جديان، احتجاجها القوي على الخرق المغربي السافر الخطير لوقف إطلاق النار المبرم بين طرفي النزاع "جبهة البوليساريو والمملكة المغربية". مجددة مطالبتها بحماية المواطنين الصحراويين من الاعتداءات المتكررة لقوات الاحتلال المغربي، التي ما فتئت تستهدف أرواحهم وممتلكاتهم. — الطرف المغربي، المعرقل الوحيد لكل جهود التسوية السلمية — ومع مرور كل هذه السنوات وما تخللها من جهود أممية ساهمت في تنظيم لقاءات ومفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع "جبهة البوليساريو والمملكة المغربية" تحت إشراف مبعوثين أمميين، أظهرت خلالها جبهة البوليساريو تعاطيها الإيجابي مع تلك المجهودات ، إلا أن المغرب ظل الطرف "المراوغ والرافض والمعرقل" لتطبيق قرارات ومواثيق الأممالمتحدة ذات الصلة بتصفية الاستعمار. فمنذ سنة 1991 جرت مفاوضات حول الهيئة الناخبة وآليات تنفيذ الاستفتاء ووقع الجانبان اتفاقيات أبرزها اتفاقيات "هيوستن" التي وقعتها جبهة البوليساريو والمغرب تحت إشراف الأممالمتحدة المتضمنة ترتيبات وآليات تنفيذ خطة التسوية بما يشمل "تجميد نشاط القوات العسكرية وإطلاق سراح أسرى الحرب وعودة اللاجئين وكذا الاتفاق على سلطة الأممالمتحدة خلال الفترة الانتقالية وتحديد الهوية وتنظيم الاستفتاء". إلا أن الطرف المغربي ظل يختلق كل الذرائع و يضع كل الحواجز أمام تطبيق هذه الإتفاقية مستفيدا بذلك من حالة الجمود التي تمكنه من الإستفادة أطول مدة ممكنة من الثروات الطبيعية التي تؤكد كل الوثائق الدولية عدم أحقيته بها. وأمام هذا الوضع و بمناسبة مرور 25 سنة على وقف إطلاق النار، حذر المكتب الدائم للأمانة الوطنية في اجتماعه الأخير برئاسة رئيس الجمهورية الأمين العام لجبهة البوليساريو السيد إبراهيم غالي من خطورة الانتهاك المغربي الأخير لهذا الاتفاق، وتهديده المباشر للسلم والاستقرار في دول الجوار والمنطقة عامة. كما أبرز أن تعنت النظام المغربي ومحاولته فرض الحلول الاستعمارية، ينم عن خشيته من الاستفتاء ويقينه من توحد الشعب الصحراوي وإصراره على الحرية والاستقلال ، مما يبرز إصرار وإجماع الشعب الصحراوي على فرض خياراته في الحرية والاستقلال مهما كلف ذلك من ثمن. وكان الأمين العام للأمم المتحدة صريحا في أحد تقاريره إلى مجلس الأمن عندما أوضح أنه لايمكن معرفة رغبات السكان الصحراويين إلا عبر استفتاء لتقرير المصير. ومنذ تقرير الأمين العام شهر أبريل الماضي وقرار مجلس الأمن الذي من ضمن بنوده دعم جهود الأممالمتحدة خاصة تلك التي يقوم بها المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية السيد كريستوفر روس عبر المفاوضات وزياراته للمنطقة وكذا الدول الفاعلة في مسار التسوية، رغم ذلك يبقى المغرب المعرقل لكل ذلك. وبيقين في بلوغ هدفه في الحرية الإستقلال، يواصل الشعب الصحراوي نضاله المستميت بكل الطرق و الوسائل لوضع حد لتاريخ الإستعمار في إفريقيا إلى الأبد.