وليد عبد الحي أغلب المؤشرات المتوفرة –رغم بعض التباين النسبي في الأرقام بين مختلف المصادر- الخاصة بالاقتصاد الإيراني تشير إلى أن إجمالي الناتج المحلي الإيراني هو حوالي 393 مليار دولار(مما يجعلها في المرتبة الثانية بعد السعودية) في الشرق الأوسط، وعدد سكانها حوالي 79 مليون(الثاني بعد مصر )، وهي صاحبة ثاني اكبر احتياطي في الغاز الطبيعي والرابع في الاحتياطي النفطي عالميا، وهما العماد الرئيسي لاقتصادها مما يجعلها اسيرة الاوضاع الخاصة بهذا القطاع شأنها شأن أغلب دول الأوبك. وتشير الخطة الخماسية السادسة لايران(2016-2021) إلى " طموح بنمو اقتصادي بمعدل 8%(وهو طموح شديد لا أظن إمكانية تحققه) لا سيما أن المعدل الحالي هو 4,2% يقدر له ان يصل 4,6% لعام 2017، وهذا يعني أن معدل النمو في ظل الاتجاه العام لن يتجاوز عام 2021 ما بين 6,1- 6,5%( مع افتراض بقاء أسعار البترول على وضعها الحالي)، كما أن سيطرة الدولة على القطاع الاقتصادي والتجاري والمالي يضع عراقيل أمام " حرية" التطور الاقتصادي ، ويكفي الإشارة إلى أن ترتيب إيران في " حرية الاقتصاد" هو 118 من بين 189 دولة طبقا لمقاييس 2016. وللتدليل على " الطموح" فإن عام 2015 عرف نموا اقتصاديا بمعدل 0,5 قياسا لعام 2014، وراجعت الحكومة موضوع "الدعم" للسلع الرئيسية والذي كان يعادل حوالي 27% من اجمالي الناتج المحلي،وهو ما خفف العبء على موازنة الدولة من باب النفقات بحوالي 0,3% ولكنه ترافق مع ارتفاع الاسعار مما دفع الحكومة للقيام بالدعم المالي المباشر للطبقات الفقيرة، مما قلص من نسبة الفقراء من 15% إلى 9%، لكن ارتفاع الاسعار أدى إلى تقلص نسبة الاستهلاك لحوالي 40% من السكان. من بين المؤشرات الايجابية هو تراجع معدل التضخم نتيجة سياسات التكيف المالي ، فقد تراجع من 45,1% قبل اربع سنوات إلى 12,6% بداية العام الحالي لكن تراجع اسعار البترول أدى ارتفاع نسبة العجز في موازنة الدولة بمعدل الضعف تقريبا خلال العامين السابقين، كما تراجعت نسبة الاحيتاطيات النقدية من 3,8% من اجمالي الناتج المحلي إلى 0,6% من الناتج المحلي ، وهو مؤشر سلبي سينعكس على السياسات لمالية للدولة. كما ان معدلات البطالة لا تزال عالية (11,6)%، وأحد الاسباب هو أن نسبة من هم في سن العمل( اقل من 30 سنة) يمثلون 60% من السكان. ويمثل الفساد أحد المؤشرات السلبية الحادة ، حيث تحتل ايران المرتبة 130 من بين 167 دولة ، وبمعدل 27/100 نسبة النزاهة والشفافية، ولا تبدو نسب تراجع الفساد مشجعة ، فقد تراجعات خلال الفترة من 2011- 2016 بنسبة 1% فقط. ماذا يعني كل هذه المؤشرات سياسيا؟ 1- ان الأمال التي علقت على الاتفاق النووي لم تُظهر حتى الآن نتائج ذات قيمة . 2- أن أسعار البترول لا تبدو مرشحة للزيادة في المدى القصير ، بل إن إيران بدأت ببيع بترولها لبعض الدول الآسيوية الهامة (الصين والهند..الخ) بأسعار دون الأسعار العالمية، وهو ما يعكس "مماحكات سياسية" مع بعض دول الخليج. 3- أن توقعات المواطن الايراني لانجازات حكومة روحاني قد تبقى اقل من الطموح، وهو ما قد يترتب عليه بعض التوترات الاجتماعية، لكنها لن تأخذ طابعا حادا . 4- لن تؤدي مثل هذه الاوضاع إلى تغيير في توجهات إيران الإقليمية والدولية في المدى القصير( حتى عام 2021)، ما لم تحدث مفاجآت غير متوقعة. 5- ان وعود رجال الدين التي لم تتحقق انعكس على تراجع أعداد الفائزين منهم في الانتخابات التشريعية بشكل واضح، وهو ما قد ينطوي على مؤشر قد تظهر آثاره السياسية على بينة النظام في مراحل لاحقة.