*- إنتاج غزيز للكاميرا الخفية لتدارك فراغ الإنتاج تكرّس برامج "الكاميرا المخفية" الذي تتنافس القنوات الوطنية في بثّ مختلف العناوين منها، الرداءة والملل، فبعد إنذار سلطة الضبط لهذه السنة، ابتعدت عن العنف بشكل نسبي لكنها وقعت في فخ الرتابة، والنَسخ من برامج عالمية. زينة.ب وبدل أن تكون هذه "الكاميرا الخفية" وسيلة لإضحاك المشاهد أصبحت أقوى البرامج في زرع الخوف والرعب، ثم الملل، ما جعلها تواجه موجة كبيرة من الانتقادات. سنوات من الكاميرا العنيفة شهدت السنوات الأخيرة، بثّ حلقات متنوعة من برامج "الكاميرا الخفية" على غرار برنامج "الرهائن" الذي بثته قناة "الشروق" قبل ثلاث سنوات، حيث جسدت عمليات خطف رهائن توحي بما تقوم به تنظيمات إسلامية متطرفة، حيث أعادت إلى الأذهان ما حدث في الجزائر في التسعينيات، بالإضافة إلى "عملية طاي طاي" من إعداد وتقديم سفيان داني، وهي فكرة في منتهى الرعب، ويتم دعوة فنان أو فنانة لحضور حصة بتايلاند وعندما يلبي الفنان أو الشخصية المعروفة الدعوة، يكون طاقم الكاميرا الخفية جاهزا لتمثيل المقلب المتمثل في هجوم من أشخاص مجهولين يحملون أسلحة ويطلقون الرصاص في السماء دون توقف. يمكن الإشارة أيضا إلى قبل هذه العناوين بكثير، بذكر الكاميرا الخفية التي أرعبت الكثيرين وقتها وهي "الطاكسي المجنون"، الذي كاد يودي بحياة الكثيرين عندما يكتشفون أن الجالس إلى جانبهم في سيارة الأجرة مجرّد شبح، فبعضهم قفز من السيارة دون التفكير في الخطر. أما هذه السنة فقد عاد برنامج الكاميرا الخفية الذي يحمل عنوان "الجن حاب يسكن" بشكل مختلف لكنه لم يبتعد عن فكرته الأصلية المتعلقة بالسحر والجن، وذلك دون مراعاة ردود الأفعال المختلفة للضيوف، فهناك فنانات وشخصيات معروفة لا يحتملن ما قد يعرض عليهن من رعب وعنف. من العنف إلى الملل وكانت هناك أيضا انتقادات لاذعة لبرنامج "رانا حكمناك" الذي يتواصل في قناة النهار لسنته الرابعة على التوالي، لكنه في هذه المرة تعرض لانتقادات من قبل الكثيرين، معتبرينه إهانة عميقة للشخصيات المُستضافة، حيث تقرر وقف البرنامج بعد الإهانة التي تعرض لها الروائي رشيد بوجدرة. بالإضافة إلى الكاميرا الخفية التي تُعرض حاليا على غرار "حكمناك بالواعرة" وتتمثل في استضافة فنانين ومشهورين لينالوا مقالب مختلفة في البرنامج ذاته، كما تُبثّ كاميرا خفية بعنوان "اللي وبينك"، حيث أن فكرتها الأساسية تتمثل في استضافة زوجين في أحد المراكز التجارية بحجة مشاركتهم في مسابقة بطرح أسئلة للزوجة عن زوجها، ثم يتبين للزوجة أن مقدمة البرنامج تعرف زوجها في الماضي، وبعد استفزاز المقدمة للزوجة بالتغزل بزوجها تنتفض الزوجات. أقلام لتكريس الهلع ويتفنّن كتاب السيناريو بالتعاون مع المخرجين والمنتجين في إيجاد الأفكار الشيطانية والتي لا تخطر ببال الكثيرين، فنجد أن فنانا معينا قد وقع في فخ الكاميرا الخفية لمرتين على التوالي. فبرنامج "الكاميرا المخفية" بمختلف عناوينه يهدف بالدرجة الأولى إلى زرع الفرح ورسم الضحكة على شفاه المشاهد باستقطاب نجوم التلفزيون والفن عموما والرياضة، ولكن السنوات الأخيرة شهدت تنامي ظاهرة العنف في تناول هكذا برنامج، حيث أضحت الفكرة الأساسية هي الأفكار المرعبة التي ستفي بالغرض وتحقق النتيجة فالضيف سيموت رعبا، والمشاهد يموت ضحكا، لكن المشاهد لم يعد يضحك، بل أصبح يفهم في نوعية ما يُعرض عليه، وبالتالي يغيّرون المحطة إلى القنوات العربية التي تُبرمج أعمالا كثيفة وجديدة وذات جودة. كل الطرق مباحة للإيقاع بالضحية يسعى القائمون على برامج "الكاميرا الخفية" إلى استعمال كل الطرق للإيقاع بالضحية، دون الأخذ بعين الاعتبار ردة فعل الضحايا الذين قد ينفعلون، وقد تختلف درجة انفعال بعضهم عن البعض الآخر، فهناك طرق غير مناسبة تماما حيث تعتمد على الاستفزاز. أما الطرق المرعبة والعنيفة تكون ردود الفعل فيها شديدة خاصة بالنسبة للنساء اللواتي عادة ما يكن ضعيفات فينهرن منذ البداية، وهناك من تكون ردة فعله عبارة عن كم هائل من السب والشتم، أو نتائج سلبية قد تؤثر على صحتهم، ما يجعلنا نتساءل إن كان القائمون على هذه البرامج في إمكانية إصابة الضحايا بأمراض مزمنة على غرار مرض السكري الذي يأتي في أغلب الأحيان بعد تلقّي جرعة عالية من الفزع. والمقالب التي تعتمد على العنف والرعب، كثيرا ما تنزغ الغطاء عن الضيوف حيث يكتشف المشاهد شخصيتهم، من خلال ردود الفعل، وهناك بعض ما يظهر منهم ما لا يفضل المشاهد أن يراه فيهم. الكاميرا الخفية لملء الفراغ من جهة أخرى تشهد هذه السنة دراما راكدة، ومسلسلات لم تخرج من نطاقها القديم بداية من عناوينها إلى فحوى قصصها، وبما أن إنتاج المسلسلات قليل، خلق هذا فراغا، ما جعل الحل لتغطيته يكون في كم أكبر من الكاميرا الخفية في مختلف القنوات الخاصة، فهي من جهة لا تكلف أموالا طائلة. أفكار مُتكرّرة ومُستنسَخة عموما، برامج الكاميرا الخفية، أغلبها أفكار غير جديدة، فهي مستنسَخة من أعمال عربية أو عالمية، سواء من حيث الفكرة أو الديكور وحتى أحيانا في اختيار المكان. إبداع في قالب بسيط الكاميرا الخفية لا تحتاج إلى كل هذا العنف والخوف الذي تزرعه في ضحاياها، من أجل زرع جو من الفرح والبهجة لدى المشاهد، كما أن الأمر لا يعني إفقاد صواب الضيوف من أجل إضحاك المشاهد، بل هي عبارة عن إبداع في قالب بسيط وجميل يستمتع به المُستهدَف والمشاهد في آن واحد.