بلدية حسين داي تحت المجهر تعتبر بلدية حسين داي من أول البلديات من حيث الكثافة السكانية، وهي تضم عدة أحياء عتيقة تم تشييدها في الثمانينات، وخلال العهد الاستعماري ، على غرار شارع طرابلس، إلا أنها لاتزال تعاني جملة من المشاكل التي عكرت عليهم صفو حياة سكانها، وأدخلتهم في دائرة العزلة والتهميش وزادت من معاناتهم اليومية. خلال الزيارة الميدانية التي قامت بها "الجزائر الجديدة " لبلدية حسين داي شرق العاصمة، لرصد جملة من المشاكل والانشغالات التي لاتزال تطرح من طرف قاطنيها، وفي مقدمتها مشكل السكن وغياب النظافة والأمن، بالإضافة إلى مشكل البطالة الذي يعاني منه معظم شباب المنطقة، إلى جانب نقص محطات النقل والمرافق الترفيهية، ناهيك عن انتشار العديد من الحظائر العشوائية، وذلك لنقلها للسلطات المحلية لعلها تجد حلولا لها. البنايات المهددة بالانهيار ترعب السكان لايزال مشكل السكن يطرح ببعض الأحياء المتواجدة على مستوى بلدية حسين داي بالعاصمة، خاصة قاطني البنايات الهشة، هذه الأخيرة التي تعاني من تصدع واهتراء كبيرين، إذ تعود فترة تشيدها إلى الحقبة الاستعمارية، هو الحال بالنسبة إلى حي بوعود امحمد والعديد من الأحياء المجاورة له؛ وأفاد محدثونا أنهم قاموا بإيداع العديد من الشكاوى للسلطات المحلية من أجل النظر في الظروف المزرية التي تعيشها العديد من العائلات داخل سكناتها، فالحي يفتقر إلى أدنى شروط الحياة الكريمة، بالإضافة إلى تصدع البنايات بشكل كبير على مستوى الأسقف والجدران، ما أثار مخاوف السكان من امكانية انهيارها في أي وقت، وقد أبدى السكان تخوفهم وذعرهم الشديدين جراء الأخطار المحدقة بهم في هذه السكنات، التي قد تنهار في أية لحظة بسبب هشاشتها، وهو ما يستدعي التدخل العاجل للسلطات المحلية من أجل إنقاذ عشرات العائلات قبل وقوع ما لا يحمد عقباه، في ظلّ عدم ترميم السكنات، وعليه نددت العائلات القاطنة بتلك البنايات بالوضعية المزرية التي لحقت بشققهم، مضيفين أن درجة الاهتراء التي لحقت بسكناتهم لا تسمح لهم بقضاء سنوات أخرى تحت أسقفها، مبدين تذمرهم الشديد مما أسموه بتجاهل السلطات المحلية لوضعيتهم المزرية التي تتضاعف مع حلول موسم الأمطار، خاصة وأنها لم تعد قادرة على تحّمل الاضطرابات الجوية، وهو ما يزيد الوضع سوءا ويهدد السكان، الذين يطالبون السلطات المعنية بالتدخل السريع من أجل ترميم الشقق لتعود الطمأنينة والسكينة لحياتهم اليومية التي حرمهم منها كابوس انهيار سكناتهم، وقد عبّر لنا الكثير ممن تحدثنا إليهم عن استغرابهم الشديد من موقف وصمت السلطات، مطالبين بالتدخل العاجل قبل أن تنهار هذه البيوت الهشة فوق رؤوسهم. اكتظاظ لا ينتهي بمصلحة الحالة المدنية وعلى صعيد آخر تشهد شبابيك الحالة المدنية بالبلدية، اكتظاظا رهيبا بسبب التوافد الكبير للمواطنين عليها من جهة وضيق المقر من جهة أخرى، وهو الذي لم يعد يستوعب الأعداد المتزايدة للمواطنين المترددين عليها بشكل يومي لاستخراج وثائقهم الإدارية، ما جعل العديد منهم يستاؤون وينزعجون من الوضع الذي أرقهم كثيرا، وعلى الرغم من أن البلدية تتوفر على ملحقتين إضافيتين إلا أنها لم تخفف الضغط عن البلدية الأم، وهي الوضعية التي يطالب السكان بإنهائها في أقرب الآجال. وخلال الزيارة الاستطلاعية التي قادت يومية "الجزائر الجديدة " لبعض أحياء المدينة، أول ما لاحظناه هو الازدحام المروري الخانق الذي تعاني منه، ما أنجر عنه شل حركة المرور بأغلب الشوارع والطرق الرئيسية، حيث تتحول منذ الصباح الباكر إلى غاية ساعات متأخرة من الليل إلى مسرح يعج بطوابير لا متناهية من السيارات، ما أثار سخط وغضب المتنقلين جراء تعطل مصالحهم، وفي هذا الصدد أفاد بعض المواطنين بشارع طرابلس أن مشكل الازدحام أصبح هاجسهم الوحيد نظرا لتسببه في تعطيل مصالحهم بشكل يومي، وهو ما يجبرهم على الخروج من منازلهم في ساعات مبكرة من الصباح قصد تفادي الوقوع في الازدحام، وأضاف مواطن آخر وهو موظف بإحدى الشركات الخاصة أن الاختناق المروري تسبب له في عدة مشاكل مع مديره، جراء وصوله في كل مرة متأخرا إلى العمل. نقص المرافق الرياضية والترفيهية مشكل آخر من جهة أخرى، طرح قاطنو بلدية حسين داي مشكل النقص الكبير في المرافق الرياضية والترفيهية، فالكثافة السكانية المرتفعة جعلت من المرافق الرياضية المتوفرة لا تكفي لتلبية الطلب المتزايد عليها، هذا الوضع الذي جعل الكثير من شباب المنطقة يضطرون للاستغناء عن ممارسة مختلف الأنشطة الرياضية، وهو ما أدى بالعديد منهم إلى المطالبة بتزويد أحيائهم بالمرافق الرياضية والترفيهية، التي من شأنها أن تملأ أوقات فراغهم وتتيح لهم فرصة تفجير طاقاتهم وممارسة هواياتهم المفضلة، كونها المتنفس الوحيد لهم، مطالبين في ذلك بالتفاتة السلطات المحلية لهذه المشاكل التي باتت تثير قلق واشمئزاز السكان، خاصة الشباب. المساحات الخضراء مطلب ملح ومن جهة أخرى، أبدت بعض العائلات انزعاجها من نقص المساحات الخضراء المخصصة للعب الأطفال، كما أن توفيرها لا يزال غائبا منذ مدة طويلة، رغم أهميته بالنسبة للعائلات كون هذه الأخيرة من شأنها أن تكون مكانا منظما وآمنا عوض اللعب في الشوارع وبين السيارات بشكل عشوائي، ما يهدد سلامتهم؛ وأمام هذا الوضع، لا تجد العائلات من متنفس سوى حديقة التجارب بالحامة للتنزه والراحة واستنشاق هواء نقي بعيدا عن ضجة المدينة، ولكن هذا الأمر ليس في متناول العائلات محدودة الدخل، إذ أفاد السكان بأن التنقل إلى حديقة الحامة جد مكلف ويتطلب مصاريف إضافية هم في غنى عنها. الحظائر العشوائية هاجس حقيقي خلال جولتنا الاستطلاعية للمنطقة، شاهدنا العديد من الحظائر العشوائية المنتشرة بمخلف أحياء وبعض طرقات بلدية حسين داي وحتى أمام مقر البلدية، أين يسيطر على هذه الأماكن عدد من الشباب. وفي هذا الصدد، أكد السكان أن بعض شباب الحي استغلوا فرصة غياب الحظائر لفرض أسعار جد مرتفعة، من خلال حجز بعض المساحات الشاغرة وتحويلها إلى حظائر، رغم أن المكلفين بالحراسة يتركون سيارات زبائنهم دون حراسة، ما يجعلها عرضة للسرقات. اقتربنا من أحد الشباب الذين كانوا يعملون، إذ قال أحدهم إنه لا يوجد قانون يمنع العمل كحراس لهذه الحظائر، الأمر الذي أصبح يشكل هاجسا حقيقيا بالنسبة إليهم. وفي ذات السياق، قال سكان بلدية حسين داي إن العديد من المركبات تعرضت للسرقة، مضيفين أنهم بالرغم من وجود بعض الأماكن الجاهزة التي بالإمكان إقامة حظائر فيها للتخفيف من حدة البطالة، إلا أن المشاريع التي تحدث عنها المجلس المنتخب بقيت حبرا على ورق، مضيفين أن أحياءهم تعرف فوضى حقيقية بسبب هذه الحظائر، على غرار حي عمار حميتي الذي آل إلى فوضى عارمة بسبب الانتشار العديد من الحظائر غير القانونية، كما أشار البعض الآخر إلى احتلال غرباء بعض الطرقات والحظائر، وهذا ما زاد من تذمر السكان الذين يجدون في كل مرة صعوبة في إيجاد موقف لركن مركباتهم بالحي الذي يقطنون به، وأمام هذا الوضع القائم تبقى آمال السكان معلقة على السلطات المحلية من أجل قمع هذه الظاهرة غير الحضرية. انتشار النفايات يشوه الأحياء يشهد شارع الإخوة قاصد وحي حمو بوسعد وغيرها من الأحياء المجاورة، انتشارا رهيبا للأكياس البلاستيكية في كل مكان والتي تحرم بدورها الأطفال من اللعب وتنجر عنها عدة أمراض كالحساسية والربو، ما ساهم بشكل مباشر في تشويه المنظر الجمالي إضافة إلى انتشار قنوات الصرف المنزلية المهترئة والتي زادت من تفاقم الوضع وتسببت في انبعاث الروائح الكريهة وانتشار الكلاب الضالة في كل الأنحاء التي باتت تهدد حياة القاطنين. هذا وأفاد أحد سكان حي عميروش أن ما قامت به المصالح البلدية بردم النفايات تحت الأرض زاد من تأزم الوضع خاصة في الفترة الصباحية، حين يقوم عمال النظافة إخراج القمامة من بعض العمارات، إلى جانب أمراض تنوعت بين التنفسية والحساسية زاده تعقيدا واستفحال الروائح الكريهة والحشرات السامة وجريان المياه القذرة بين مسالك الحي.