أثار ظهور تقنية " الفيس بوك" كوسيلة للنقاش والحوار على صفحات النت، جدلا كبيرا في الأوساط العربية التي اعتبرته ثورة حقيقية تحمل الكثير من معالم التمرد غير المتحكم فيه، و تحول الموضوع برمته إلى ما يشبه " القضية" التي احتلت مواقع متقدمة في انشغالات النخب، السياسية منها على وجه الخصوص . تشير إحصائية حديثة، قدمها أستاذ الاجتماع بكلية الآداب بجامعة القاهرة الدكتور سعيد المصري، خلال فعاليات مؤتمر" الفيس بوك، بين الواقع والافتراضي" الذي نظمه مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية نهاية الأسبوع أن عدد مستخدمي الفيس بوك في العالم العربي يصل إلى نسبة 2.2 بالمائة" مليون ونصف مليون مستخدم في مصر وحدها"، وأكدت الدراسة أن استخدام الفيس بوك، قد تضاعف بشكل مذهل خلال عام 2008، وذلك بزيادة تصل إلى 77.2 بالمائة، حيث تتصدر مصر قائمة الدول العربية الأكثر استخداما للفيس بوك، تليها مرتبة تركيا في قائمة الشرق الأوسط. ومن بين الملاحظات التي توقفت عندها الدراسة، هي أن نسبة العزاب الذين يستخدمون الفيس بوك في مصر أكبر مع أن المتزوجين هم الأكثر استخداما على مستوى العالم وبالنسبة للصفحات التي ينشئها المستخدمون على الفيس بوك، تؤكد الأرقام أن أغلب الصفحات من أجل التواصل والتسلية بنسبة 24 بالمائة، يأتي في المركز الثاني الصفحات الدينية أو المهتمة بالدين بنسبة 10 بالمائة، يليها السياسي بنسبة ضئيلة 4.5 بالمائة، مع العلم أن أكثر الصفحات السياسية تتعلق بلبنان، حيث تكثر صفحات تأييد السياسيين والمعارضين في الحكومة. وحسب الدكتور شريف درويش أستاذ الصحافة الإلكترونية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، فإن الأرقام المعلن عنها، تبشر بعصر الإعلام البديل لعصر الإعلام التقليدي السائد والذي يخلق مجالا عاما ومضادا للأفكار التي يسوقها الإعلام السائد. في سياق متصل، أثار موضوع الاستخدام السياسي للفيس بوك جدلا واسعا في فعاليات المؤتمر، حيث قدم الباحث يوسف الورداني دراسة عن مجموعة شباب 6 أفريل كحالة تطبيقية لدراسة الحركات الاحتجاجية على الإنترنت، إذ أكد أن حركة الاحتجاج لا تزيد على 18 ثانية على الإنترنت ليتحول الغاضب بعد ذلك إلى مشارك مجاني لا يتحمل تكلفة المشاركة والنزول إلى الشارع، وقال الورداني إن الحركة كشفت عن العديد من الملامح العامة للاستخدام السياسي للإنترنت وهو أهمية وجود بيئة مناسبة وظروف مساعدة لإحداث التغيير على أرض الواقع وقدرته على تحريك المياه الراكدة في الواقع السياسي وفشل أجهزة الدولة في التعامل على الشبكة لتترك المجال مفتوحًا للمعارضة. وتوصل الورداني إلى أن الحركات الاحتجاجية على الإنترنت سيظل الفيصل فيها نقل التواجد إلى الشارع في ظل كون النظام يتعلم من أخطائه.. ملمحا لنتيجة تبدو ذات أهمية عالية وتناقض فكرة الثورة القادمة من العالم الافتراضي وهي أن شبكة الفيس بوك أتاحت منفذا ساعد النظام على الاستمرار، إذ يفرغ فيها الشباب غضبهم لينزلوا الشارع ليمارسوا حياتهم في هدوء.