أكدت السيدة سبع فاطمة الزهراء أستاذة بجامعة وهران ورئيسة المجلس الوطني لقضايا الأسرة والمرأة أن ظاهرة التحرش الجنسي ضد الأطفال أو ما يعرف علميا ب " البيدوفيليا" موجودة بالجزائر كباقي دول العالم ولكن لا يمكن الحكم عليها أنها منتشرة بشكل هائل لعدم وجود إحصائيات دقيقة حول نسبة الأطفال المعتدى عليهم من قبل الكبار بسبب عدم بوح العديد من الأسر عن هذه التحرشات التي كانت تعتبر سابقا من الطابوهات في مجتمعنا ،غير أن وعي الأشخاص وتطورهم حاليا فتح مجالا للنقاش ومحاولة محاربة هذه السلوكيات التي يدفع ثمنها أطفال أبرياء وقعوا فريسة ذئاب بشرية يكونون إما مرضى عقليين أو تحت تأثير المخدرات والممنوعات حيث أصبحت الظاهرة مطروحة في مجالات واسعة لاسيما في وسائل الإعلام والإتصال وفي مختلف الملتقيات والمنتديات بغرض تكثيف حملات التحسيس والتوعية لدى أفراد المجتمع عن مدى خطورة هذه الظاهرة على جميع الاصعدة.ولهذه الظاهرة أسباب اجتماعية وغيرها فهناك أسباب عديدة للتحرش الجنسي يتقاسمها كلا من الجاني وأهل الضحية، ناهيك عن تدني مستوى بعض الأسر من جهة الثقافة والأدب والأخلاق. نقص الوازع الديني و انعدام الضمير الإنساني مما يدفعهم للارتماء في حضن الفاحشة والتعدي على البراءة و مع التطور الإعلامي والتكنولوجي أصبح وفرة مصادر متنوعة للفساد والإطلاع على المصادر الإباحية مثل الاستعمال السلبي (لشبكة الانترنيت) وعدم وجود ضوابط ذاتية للفرد وضوابط أسرية. عامل آخر يتمثل في الانحراف الجنسي حيث بدأت تظهر مؤخرا و بوقاحة في مجتمعاتنا وهي السلوكيات الدافعة لإرتكاب الموبقات و التي من بينها الاعتداء جنسيا على الأطفال مثلا و نتيجة تدني المستوى المعيشي و ارتفاع نسبة البطالة مما يمنع الكثير من الشبان من الزواج لعدم امتلاكهم القدرة المالية مع ارتفاع المهور والتكاليف ويتجهون لعدة جهات لإشباع رغباتهم الجنسية ومن ضمن تلك الجهات التعرض للأطفال والتحرش بهم. كما أن الثقة الزائدة بالأقرباء والأهل المعتبرين من المحارم وتأمينهم بشكل مفرط على الأولاد وغالبا يكون المقربون هم الأكثر تحرشا بالأطفال. سوء تربية الأهل للأطفال وتخويفهم وعدم بناء جسور التواصل معهم فإذا كان الطفل يخاف من أهله ولا يوجد بينه وبين والديه روابط التواصل فهو لن يخبرهما ماذا يحصل معه ومن ينظر إليه نظرات غريبة ومن يتحرش به إلى أن يصل إلى الاغتصاب بينما لو لم يكن هناك خوف من الأهل ولو كان هناك تواصل وفهم للطفل سيخبر أهله عن كل ما يحصل معه وقد يلحق الأهل الطفل وينقذوه. إهمال الأهل للتربية الجنسية للطفل من أقوى مسببات التحرش فالطفل المتحرش به لا يعرف ما هذا الأمر ولا يدرك خطورته ويعتبره أمرا عاديا ولا يبدي أي ردة فعل أو مقاومة في البداية ولكن إن عرف ما معنى هذا التصرف وما نتائجه لتمكن على الرغم من صغر سنه من تخليص نفسه من التحرش،مع الأخذ بالاعتبار أن التربية الجنسية تكون بالتدريج وتتناسب مع المرحلة العمرية للطفل. والآثار أو نتائج التحرش الجنسي بالأطفال تؤكد الأستاذة سبع أنها سلبية طبعا وغالبا ما تكون كارثية،فالطفل قبل التحرش طفل يختلف عن الطفل بعد التحرش ولن تجدوا صفات الطفل الأولى بعد تعرضه للتحرش،حيث تخلق لديه عدة عقد نفسية قد تلازمه طيلة حياته ناهيك عن الضرر الجسدي الذي يمكن أن يلحق به ، ولذاك توفر العلاج النفسي وغيره كما ان التحرش الجنسي قد يتكرر بالطفل ويتحول إلى اغتصاب كامل للطفل وهذه هي الكارثة الأعظم، فيسرق براءة الطفولة من قلوب الأطفال ويكبرهم بالعمر قبل الأوان فيجعلهم منعزلين ومنطويين على أنفسهم، وتسيطر عليهم عقدة النقص ويشعرون بان أمرا ما ينقصهم عن أقرانهم وحالة الحيرة تظهر في عيني ذات الطفل إلى جانب نظرة باهتة قد ترافقهم طويلا ناهيك عن كره الجنس الآخر وعدم الرغبة في الزواج بعد وصولهم سن الرشد. وللقضاء على هذه السلوكيات البشعة تضيف ذات المتحدثة أنه يجب تكاثف الجهود بداية من الأسرة والمؤسسات التربوية التي تلعب دورا مهما في الحد من هذه الظاهرة وضرورة التحسيس بمدى خطورتها بمختف الوسائل بالإضافة إلى الردع والعقاب المشدد و المستحق لمرتكبي هذه التحرشات في حق الطفولة حتى يكونون عبرة للآخرين. وتوعية الأبناء بعدم الاقتراب من الغرباء أو تصديقهم مهما قالوا لهم أشياء حقيقية. إلى جانب عدم الثقة بالأقارب والمحارم لدرجة عمياء .