قدمت تعاونية مسرح الناس أمس، العرض العام لإنتاجها الجديد، بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة، تحت عنوان "عدة زين الهدة "، من أداء و إخراج الفنان سمير بوعناني، و تأليف الكاتب المسرحي مراد سنوسي، و موسيقى توفيق بوملاح حيث تمكن سمير بوعناني من صنع الفرجة على خشبة علولة، على مدار 70 دقيقة من الزمن، من خلال هذا المونولوج الفكاهي المميز، الذي يسرد قصة شاب مهووس ب "الحرقة" أي الهجرة غير الشرعية، حيث يسعى جاهدا إلى الالتحاق بالضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، طمعا في حياة أجمل و مستقبل أفضل، غير آبه بخطورة هذه المغامرة، التي قد تضع حدا لحياته في عرض البحر، لكن حبه و تشبثه بالحياة يجعله يفكر في "حرقة" في ظروف مريحة، فيلجأ إلى باخرة للنزهة لتجنب عناء و مشقة السفر، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، و يحدث أن تتعرض الباخرة للغرق بمن عليها، و لم ينجو من الركاب إلا عدة زين الهدة، و شابة تدعى أحلام، حيث تتقاذفهما أمواج البحر إلى غابة معزولة، فبينما تحاول أحلام الاجتهاد لطلب النجدة، فان عدة يقطع كل حبال الاتصال مع العالم الخارجي، لأنه قرر و اختار البقاء في الغابة. لم يتوقف الجمهور عن الضحك طوال العرض، الذي كان أمس في الموعد، حيث انفجر سمير بوعناني كالعادة على خشبة المسرح، و راح يستعرض قدراته التمثيلية الخارقة، و موهبته الخارقة في تقمص أدوار، و شخصيات عدة في عرض واحد، و كذا تغيير ملامحه و الإيماءات المختلفة، التي أداها بإتقان كما عودنا عليها في كل الأعمال، التي بصمت مساره المسرحي، و إذا كان مونولوج "عدة زين الهدة"، الذي يندرج ضمن مسرحية الممثل الواحد، أو ما يعرف بالوان مان شو، التي ترتكز أساسا على الابداع و الاقناع، من خلال التمثيل الذي يعتبر العنصر الأول و الأخير في العملية المسرحية، فإن سمير بوعناني تألق في كل هذه العناصر، حيث أبحر بالجمهور في هواجس الشباب، و غاص في هذه الظاهرة الاجتماعية المحزنة أو بالأحرى هذه المأساة، من خلال هذا الطرح الدرامي في قالب فكاهي، الذي وضع اليد على الجرح، و عالج الهجرة التي حرقت قلوب الشباب بالقارة السامراء، قبل أن تأخذ منعرجا خطيرا، و منحى آخر أشد تعقيدا بسبب الحروب و الأزمات، لكن بمنظور مغاير، من منطلق أن كل الطرق و الأساليب تؤدي إلى طريق واحد. يأتي هذا العرض، بعد العمل المسرحي الناجح الذي قدمه الثنائي مراد سنوسي و سمير بوعناني في 2006، و المتمثل في مونولوج "متزوج في عطلة"، هذا العمل الذي عمر طويلا على خشبة المسرح، و لا يزال يعرض إلى يومنا هذا، حيث صال و جال عبر مختلف ولايات الوطن، و شارك في العديد من التظاهرات الوطنية و الدولية، لاسيما في مهرجان مراكش الدولي للضحك، و بفرنسا و الولاياتالمتحدةالأمريكية، و تمكن من استقطاب أعداد كبيرة من الجماهير، حيث تمكن سمير بوعناني، من التتويج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان قرطاج الدولي، فهل سيكون مصير "عدة زين الهدة " مثل "متزوج في عطلة " ؟