يرفع ستار الدنيا و تظهر سيدة أرستقراطية بمعنى الكلمة و الروح ...فتيحة بربار، سيدة جمعتني و إياها الحياة و الذكريات و العدالة الإجتماعية بأسرارها و ملامحها و ردات فعلها و قولها عندما تقول ولا تقول، هناك في فندق خاص وطابق خاص في بجاية رفقة سيدات الفن وتكريم خاص في مسرح بجاية و بعدها لقاء أكثر من خاص في أيام السينما الثورية بعين الدفلى بكل تواضعها و بكل أنوثتها التي لم ولن تنته حتى وهي تغادرنا . السيدة الارستقراطية في نظر الكثيرين هي المرأة الضاحكة التي ما إن ترتاح لك حتى «تشبعك « ضحكا بخرجاتها الغريبة ، ملامح وجهها و هي تقول للبعض أنها تعرف البئر بما فيه ، حركات العين الضاحكة ، رسائلها التي تصلك بوجهها فقط من دون كلمات و الأكثر من هذا وهذا بساطة روحها و لا غرابة في كونها الفنانة التي بدأت قبل الاستقلال وهي التي تعرف الحلو و المر ، القهر و السعادة ، الألم و الحزن ، ببساطة هي جزائرية مئة بالمئة وهي «تشك يا وعدي « التي قالتها لي عندما أخطأ أحدهم سامحه الله في تقديمها في إحدى المهرجانات وهو القائل « الفنانة التي عرفتموها في سوق أمك يحل في الليل « ، لم نعرف أي ليل جلب لنا مثله ؟ في أذني لا تزال تروي الحكايا ، قائلة أنها تتفق مع رويشد بغمزة و أحيانا من دون حديث ، أتذكر أنني ومنذ سنتين قلت هل من رسالة لبنات اليوم ؟ ، قالت يجب أن يفهمن و يدركن أن المرأة لم تخرج بسهولة لتمثل، و يجب أن يعرفن معنى هذه الكلمات وبعدها عليهن أن يعملن مع الرجل وهو شريكهن في العمل ، هو الأخ في العمل و السند و الشريك ويجب أن تحترمه المرأة مثلما يحترمها و مثلما يجب عليه أن يحترمها ، هكذا قالت فأين نحن من مقولتها ؟ « يا مامي يا مامي « هي العبارة التي عادة ما رددتها على مسامعها وهي تضحك ، هناك في عين الدفلى وفي بجاية و في المسرح الوطني ، كانت تلتزم وهي تدخل مليانة معي رفقة وفد فني أنها لن تقول لا لأي شاب أو شابة طلب منها صورة للذكرى، وفي غمرة التعب قالت لي سأضع خمارا ربما لن يعرفوني ، لكن الجميع تهافت عليها و طلبو ا صورا لا صورة ، ولم تقل لا . ؟ قلت لها : أنت متعبة و مع ذلك استجابت للجميع ، قالت اليوم سأنام متعبة أكثر من العادة ، كم يستغرف زمن العودة إلى عين الدفلى ، ثم التفتت لشريكة مسارها و رحلاتها الأخيرة السيدة الفنانة القديرة وهيبة زكال و قالت اليوم سننام باكرا ؟ من زمن « البوابون» ، سيدة قرابة الخمسين فيلم و مسلسل ، سيدة من الأبيض و الأسود إلى الألوان بقيت دوما تحتفظ بالألوان في عينيها وهي تقدم البوقالة ، كان بإمكانها أن تقول « من هذا سيد أحمد قارة « لكنها لم تقل بل عملت معه في جو أسري أشهد عليه و قدمت إحدى أروع العروض الجماهيرية و إن قال البعض أنها لم تكن مسرحية فأنا أقول بل جلبت جمهورا دفع ثمن دخوله للمسرح الوطني و استمتاعه بعرس عاصيمي يقدم حكاية و صراع وبعدها ليس من اختصاصي أن أقول هي مسرحية أم لا ... بدايتها لأول مرة كانت في حقل الفن مع الغناء»، غنت و أمتعت مع من ؟ مع فضيلة دزيرية -رحمها الله - تراجعت وحسمت أمرها بممارسة التمثيل رغم كل الصعاب التي اعترضت طريقها...، أسألها عن الانسحاب من الغناء فتقول القدر ربما ، اخترت التمثيل و لم أندم، أسألها عن الثورة تقول لي « ربي يرحم الشهداء « ؟ ...بقيت من الذكريات رسالة وهي تسألني عن صحتي و توصيني وتوصي عائلتي بي وبصحتي ، كانت تقول « رد بالك... صحتك قبل أي شيء» ثم تقول «راك على ديدانك ربي يبارك « ، لأنها بنت البلد و بنات البلد لا يغادرن البلد أبدا إلا لسر قوي.