- الإسراف و التبذير يطبعان يوميات عدد كبير من الجزائريين يفكر الجزائريون بعقلية المبالغة في كل شيء , في الشراء و الاسراف والتبذير و حتى الوقوف في الطوابير لساعات طويلة من اجل المزاحمة على رغيف خبز رغم وجود العديد من المخابز في نفس الحي الذي تحظى فيه مخبزة واحدة فقط بالاكتظاظ و ثقافة التهافت على اشياء قد يمكن الاستغناء عنها بل ونجدها في العديد من الاماكن. حيث اصبح مجتمعنا يفكر بعقلية واحدة هي المنافسة على اتفه الاشياء فاين يكثر « الغاشي» وتصطف الطوابير يمكن الحصول على أجود المنتوجات و الظفر بأحسن العروض هذا ما اصبح يفسر المشهد الغالب على طباع المواطنين الذين يتهافتون بأعداد غفيرة على الاسواق ومختلف المراكز التجارية والمحلات من أجل اقتناء ابسط الاشياء سواءا كانت من الضروريات أو الكماليات دون التمييز بين ماهو نافع ومضر أو المقارنة في السعر وطبيعة المنتوج وأصبحنا يوميا نشاهد انزال بشري على محل دون الاخر رغم ان السلع المعروضة متشابهة في النوعية والسعر لكن موضة التدافع و التزاحم في كل مكان انتشرت بشكل واسع في مجتمعنا لتتضاعف حدتها في شهر رمضان والايام التي تسبق التحضيرات لهذه المناسبة الدينية فعوض التفكير في العبادة وكسب مرضاة الله ومضاعفة الحسنات في هذا الشهر الفضيل الذي فضله الله عز وجل عن سائر شهور سنة نجد معظم الجزائريين لايفكرون سوى في مايملئ البطون من ماكلولات وحلويات فترى الصائمين يصطفون باعداد غفيرة لساعة من الزمن من اجل اقتناء علبة « شامية « أو رطلا من الزلابية وغيرها من الحلويات التي يشتهيها الجزائريين في رمضان و يتسبب التدافع في مثل هذه الحالات في الكثير من الاحيان إلى نشوب مشادات بين الصائمين قد تصل الى حدالاعتداء والضرب لتتحول الطوابير التي يتسبب فيها المواطن بالدرجة الاولى الى وسط ملائم للارتكاب الجرائم وحدوث حالات السرقة في معظم الاحيان في جولة قمنابها خلال هذا الشهر الفضيل بسوق المدينة الجديدة و الطحطاحة وقفنا على حقيقة عيش الوهرانين وسط التدافع و التهافت على كل شيءفهوس التسوق اصبح موضة مسجلة في عقولنا بينما قصة الطوابير مع الجزائريين لا تنتهي خصوصا وانها عادة اصبحت مالوفة ومحببة لدى النساء والشيوخ فترى عشرات المواطنين ينتظرون امام محل بيع الاواني دورهم لشراء ما يحتجاونهم في المقابل تكاد تخلو المحلات التي تبيع نفس السلع من المشترين ويرى بعض المتبضعين الذين وجدناهم بنهج حوحة محمد المعروف بتجارة الاواني و الاجهزة الكهرمنزلية ان اقدمية بعض المحلات وراء التهافت على سلعها فهناك علاقة معرفة بين الزبون وصاحب المحل الذي يلعب دورا في استقطاب المشترين بطرق خاصة بخلال البقية وهذا مايفسر هذه العقلية ونفس الانطباع تركته بعض النسوة اللائي يفضلن شراءالالبسة في محلات يثقون في اصحابها الذي يلبون طلبياتهم السلع على حسب اذواقهن ولعل الاسواق اكثر عرضة لهذه الظواهر إن لم نقل نشأت فيها حيث تسجل يوميا تهافتا قياسيا على كل أنواع السلع رغم الارتفاع المحسوس للكثير من المواد و بشكل خاص الخضر و الفواكه و حتى ملابس الأطفال التي يوحي الإقبال شرائها وكان موعد عيد الفطر غدا والمراكز التجارية و إن كانت تعرف حركة مكثفة يومية من قبل الزبائن بعد أن جعلها الكثيرون مكانا للتجوّل و الترويح عن النفس فقد حولت يوميات الصائمين إلى أماكن يطبعها الاكتظاظ و التدافع و بشكل خاص على محلات و أجنحة بيع الخضر و الفواكه و المواد الغذائية العامة أين سجلت تهافت الزبائن على كل ما تطاله أيديهم و هو ما عكس انتشار ثقافة الاستهلاك السلبي و غياب ثقافة الادخار المالي و التحكم العقلاني في الميزانية الأسرية عمار يزلي (دكتورفي علم الاجتماع بجامعة وهران (2) « الجزائريون حولوا رمضان إلى شهر الاستهلاك بامتياز » كما فسر المختصون هذه الظاهرة التي عششت في مجتمعنا إلى اشتراك عدة عوامل منها تاريخية واحتماعية وثقافية حيث ان عقلية الجزائرية تاثرت بعدة جوانب لتصل إلى هذا المستوى من التفكير الجمهورية اتصلت بالسيد عماريزلي وهو دكتور بجامعة وهران 2 مختص في علم الاجتماع لتحليل هذهالظاهرة السائدة في المجتمع الوهراني حيث أكد لنا محدثنا أن ثقافة الاستهلاك لدى الجزائريين مرتبطة بحالة سيكولوجية واقتصادية بخصوص العرض والطلب. ولأن رمضان عندنا، يضيف ذات المتحدث حاد عن فلسفته التي فرض لأجلها، والمتمثلة أساسا في الزهد في الأكل والشرب ومتاع الدنيا (الجانب المادي) لصالح الجانب الروحي والناقص فينا، حولنا نحن رمضان إلى شهر استهلاك بامتياز. السبب هو قلة الوعي الديني بمعنى الصوم! لما اقول قلة الوعي، لا اعني به جهله، بل معرفته والتمادي في سولكيات تتعارض كلية مع قيم الصوم الذي هو شهر العبادات وليس الأكل والشرب والضحك والخصومات. البطون هي التي تخشع عندنا وليس القلوب ! ! كما اضاف قائلا «بما أننا لا نصوم في معظمنا «صوما واحتسابا»، ولا نعطل جوارحنا المادية خلال الشهر لصالح جوارحنا الداخلية التي من المفروض أن ترغمنا على القليل من الأكل والشرب والزهد في ملذات الدنيا، بل على الأكل تتحول ماديتنا ونزعتنا الحيوانية إلى الاستهلاك غير العقلاني، هي المؤسس لحالة الصوم عندنا! هذا يؤدي بشكل آلي وتلقائي إلى ارتفاع الطلب في شهر رمضان وإلى ارتفاع الاستهلاك بحسب الأرقام التي تتداولها بعض مراكز سبر الآراء إلى ضعف ما نستهلكه وما نشتريه في الأشهر العادية. وإذن، فالبطون هي التي «تخشع» في رمضان وليس القلوب، ولوخشعت القلوب لما ارتفعت الاسعار ولما كثرت الطوابير ولا صرفنا مرتب شهرين في شهر واحد..وفي شهر من طالمفروض أن يكون شهر الصوم وليس الأكل! وعندما نتمكن من التغلب على حيوانية شهواتنا، فإننا بذلك قد نقول أننا قد صمنا..! وعندنا، ستعرف الأسعار انخفاضا هائلا، لأن الاستهلاك انخفض..وعندها فقط نقول أن رمضان كريم فعلا! قطع مسافات طويلة لشراء « الزلابية» هكذا يفكر الجزائريون وبخصوص مسألة الطوابير في رمضان،اكد الاستاذ يزلي انها حالة سيكولوجية! ويقول :نحن انطباعيون كثيرا أي أننا لا نشغل العقل عندما تجوع البطن! البطن هو من يقول العقل عندنا وهذه مأساة! لهذا تجد بعضا من الناس في رمضان ينتقلون مسافات طويلة وأحيانا إلى مدن مجاورة أو حتى بعيدة نسبيا، فقط ليشتري زلابية من حانوت سمع أنه يبيع زلابية جيدة ، مع أن هناك بالجوار من يبيع زلابية قد تكون مثلها! انتشار الأخبار المتعلقة بالأكل: خبز، زلابية وشامية و«أصبع القاضي» وحلويات، تتحول إلى أطباق بحد ذاتها تجد من يروج لها هاتفيا وكلاما! ونحن نعرف أن عدوى التأثير في مثل حالة الصوم والجوع ونشاط الأنزيمات وتأثير ذلك على سيكولوجيا رد الفعل، تجعل من الإنسان العادي يقتاد إلى حيث تشتهي نفسه وبطنه ولو دفع الأموال وقطع المسافات. هذا ما يجعلنا نرى كثيرا من المحلات شبه فارغة فيما أخرى عليها طوابير جهنمية. قد تكون زلابية أحسن من أخرى، لكن هل يعقل أن أضيع نصف يوم في طابور. فقط لأن شامية فلان أحسن؟ هذا الهوسو رد فعل مادي و حيواني بسيط، لا يرقى إلى الإنسان العاقل، ناهيك عن المؤمن الصائم الذي يعرف معنى الصيام..! فالصوم ليس الجوع، ثم الشبع! الصوم هو أن تجوع قليلا لتحد من أنانيتك ومن حيوانيتك التي تجلبك إلى الأسفل وتمنعك من السمو والترقي في المكانة سبع رابح ( استاذ في علم الاجتماع بجامعة وهران) « الغريزة هي التي تدفع المواطنين الى التجمهر في الاسواق والمحلات» من جهته يرى الاستاذ سبع رابح من جامعة وهران أن ثقافة المبالغة إلى درجة «الطيحة» على كل شيء بالنسبة للجزائرين نابعة من الغريزة فحسبه هي التي اصبحت المسير الوحيد والاهم في كل سلوكات الجزائرين فقط مقارنة ببعض بلدان الجوار التي لا تشهد مثل هذه الامور فهي سلوكات سسيولوجية ثقافية كما اسماها محدثنا بالغريزة الكبشية التي تتبع كلى شيء مرتبط الفوضى والتدافع أي الغريزة التي تدفع الناس الى التجمهر واعتبر ان المشكل يمكن في الذهنيات التي اصبحت متمسكة بثقافة قديمة كانت لفترة في السبعينات وهي حالة نفسية صعبة مر بها الجزائريون حيث يرجع اسباب المبالغة الى ابعاد تاريخية محضة حيث ان المجتمع الجزائري يضيف الاستاذ تأثر بعدة عوامل منذ الاحتلال ثم العشرية السوداءالتي غيرت في تفكيرنا لذااصبحنا نبالغ في كل شيء حتى في الاكل وكان البطن هو الذي يفكروليس العقل وبالاخص في رمضان ثقافة الاستهلاك تتغير نفسياوثقافيا و يطغى على الاولويات فتفقد الروحانيات مكانتها لتحل محلها البطنيات وعن موضة التسوق وهوس الشراء المفرط الذي يؤثر على ميزانية الفرد ناجمة عن تفكير في كسر الروتين بحجة الخروج للتسوق خصوصا عند النساء وهذه منتشرة عالميا .