حَدَثَ أن تقاطع قدري بقَدرِك والتقينا... التقينا وكُنتِ جميلة كفَراشة، بريئة كطِفلة، أنيقة كوَردة، ويومَهَا صدَّقتُ أنّ للذاكرة عِطرٌ وللوطنِ عِطرٌ وللحُلم عِطرٌ وللماضي عِطرٌ، كان كلُّ ذلك في عطرٍ تعطَّرتِ به، ووجهٍ اختصر فيه جميع وجوهَ النِّساء، واقتربْتِ مِنِّي بخُطى مُتثَاقلة سائلة: كم الساعة؟ - مرَّت سنة...سنَتَان على ذلك...أو رُبَّما أكثر من ذلك بِقليل...أو ربَّما أكثر من ذلك بكثير، ما عُدتُ أذكر... مُنذ افترقنا أصبحْتُ أعيشُ خارِجَ الرُّزنامات السنوية، خارجَ التَّقويمات الزَّمنية، وخارجَ المداراتِ الفلكيَة، كلُّ خُطوطِ الطُّولِ بالنّسبة لي تساوَت مع دوائِر العرضِ وما أصبحَ توقيتُ "غرينتش" تَوقيتِي، بحيث تشابهت عليَّ الأيامُ كُلّها. كُنتِ أنتِ وكان كلُّ شيء أنتِ، ها هي شجرةُ العيد تُلبسني حِدادُك، وتُذكِّرني بأنّني سأستقبلُ سنة جديدة بدونِك، أنا الّذي انتظرتكِ عُمُرا خارجَ تقويمِهم وحسابَاتهم. بعدكِ لم أعُد أترقب توقعَات الأبراج الفلكية، وحدي أصبحْتُ أنتمي لبرجٍ لا ُوجودَ له، كذِب كلُّ أولئِك الّذين قرأوا طالَعَنا لهذه السَّنة، وأوهَمُونا بعِلمهم بمُستقبلنا، كَذَبَ كلُّ أولئِك الَّذين رصدُوا لنا على أكثرَ من قنَاة أكثر من خبَر، كذب كلُّ أولئك الّذين قالوا ستكون سنة مليئة بالحب غير أنّه ستكون بعض التقلُّبات فيها، وحده رحيلُك قلب حياتي، وجعل من المستقبل مشروع أجمل خيباتي .