عادة ما يتجه كتاب المسرح و ما دونه الى الكتابة عن الشخصيات البارزة في أي سياق، خاصة فيما يتعلق بالسياسة و الثقافة والمجتمع و خاصة التاريخ، تمجيدا و إكبارا للرجال الذين وقعوا تاريخ الأمم ولم يقعوا، وفي العادة نقف عند الجدل الذي يثار ويعود عن حقائق و اختيارات و نقاط ظل من جوانب الشخصية برقابة ذاتية أو مؤسساتية وهو الأمر المطروح سينمائيا أكثر، و إن كانت أفلام "البطل الواحد" في جزائرنا أفلاما عادية، لم تحقق الكثير رغم محاولات تسويقها إيديولوجيا و إعلاميا، من قبل البعض خاصة من قبل " مول الفول " و اصدقاءه و شلته و حاشيته . في المسرح لم تبرز الظاهرة كما تجلت في غيره، رغم بعض الأعمال التي كرست بقصد ودون قصد أسماء تاريخية جزائرية في مناسبات دون غيرها، فلا يوجد مسرح أنتج بدون مناسبة مسرحية عن الشهيد أو المجاهد، إلا نادرا مع ضرورة الانتباه الى فترة نهاية الستينات التي قدمت مسرحيات سياسية في منتهى الوعي، سيما مسرحية "حسان طيرو" مباشرة عقب الاستقلال عبر فيلم، ثم مسرحية " البوابون" في 1964 و "الغولة" في بداية السبعينات و بالتحديد في 1972 وهي مسرحيات قدمت تداعيات ثورية سياسية و اجتماعية، في حين سجل العصر الحديث مسرحيات لأبطال تاريخيين من جزائر البدايات إلى جزائر ما قبل الفاتح نوفمبر و من ماسينيسا و يوغرطة و ملاحم الامير عبد القادر و أحمد باي على سبيل المثال . وبعيدا عن تخليد البطولة و الأبطال مرر كاتب ياسين و علولة بعد رويشد - على سبيل المثال لا الحصر- رسائل هامة جدا للمجتمع الجزائري، سيما في الشق السياسي مع بداية التعددية الحزبية و الإعلامية قبل اغتيال التجربة المسرحية الجزائرية و محاولات التأسيس الصادق لمسرح جزائري وهو ما كرس نرجسية التجارب التي عرفها المشهد الجزائري فيما بعد، تحت شعار "أنا وبعدي الطوفان" أو "أنا الزعيم" و " لا زعيم إلا الزعيم" المقتبستين هنا عن نص مسرحية " الزعيم" لفاروق صبري وهي المسرحية التي برز فيها المصري عادل إمام وقدمت بين 1993 الى 1999 ، لكن شعار أنا وبعدي الطوفان و تداعيات الزعامة ظلت في المشهد المسرحي الجزائري من بداية التسعينات الى غاية اليوم، في ظل غياب من جهة وتغييب المرجعية المسرحية ولا ريب في ذلك بالنسبة لمسرح يغيب دائما المرجعيات من البدايات الى اليوم ، من أحقيقة بشطارزي إلى علالو إلى مصطفى كاتب . اليوم وبعدما احتفلنا بخمسينية الاستقلال و ستينية الثورة و ما بينهما لم نجد وأخشى أن لا نجد من نخلد لاحقا مثلما وقع سابقا لنبقى نحيا على صراعات جيل ولد مع الكبار و يموت يوما بيوم مع صغار لا يعرفون كيف يبنون نجاحات متتاليات بدون قتل الآباء ...ظاهرة لن نختلف في كونها مكرسة مقدسة للأسف في المشهد الأدبي و الاعلامي و السياسي و غيره وإن كان ما يعنينا ثقافة، فإن الثقافة عند تايلور كل مركب ...لا يقبل القسمة ولا التقسيم في زمن كل يؤتى على عجل وبعجل ينتهي في عجالة ...فيما يبقى المسرحي الهاديء الباحث المجدد المتعدد "عدوا للشعب" على طريقة النرويجي هنريك إيبسن .