الوصول الى رئاسة الولاياتالمتحدةالامريكية بعد خوض حملة انتخابية طويلة وشاقة ليس بالأمر السهل على شخص لا يملك المساندة والدعم ولا الخبرة السياسية الكافية لكن رجل الاعمال دونالد ترامب تحدى كل الصعوبات وهزم المنافسين له في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري الذي ترشح عنه وفاز على المترشحة عن الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون ودخل البيت الأبيض منتصرا يوم 20 جانفي 2017 محققة المفاجأة وقد مرت سنة كاملة على جلوسه فيه محاطا بأفراد اسرته عوامل كثيرة كانت وراء هذا النجاح غير المنتظر فالرجل يملك ذكاء عمليا فقد دخل مجال الاعمال في وقت مبكر عندما التحق بمؤسسة والده للعقارات سنة 1968 محققا ربحا بلغ 6 مليون دولار في أول صفقة ليحدد مساره المهني بالاستثمار في العقار بإنجاز فنادق وقاعات رياضية وكازينوهات وقد استطاع تجاوز الازمات وعمليات الإفلاس وتراكم الديون ليجمع ثروة تبلغ حوالي 4 مليار دولار ليكون بذلك أغنى رجل سياسي في تاريخ أمريكا فهو يمتاز بالنشاط والمغامرة واغتنام الفرص المتاحة وقد درس الاقتصاد في الجامعة بعد أن تدرب في المدرسة العسكرية ومارس رياضة السكواش ثم رياضة البيسبول ونال فيها جائزة أحسن مدرب وأنشأ منظمة ترمب وتولى رئاسة مجلس إدارتها وعمل كثيرا مع الشباب فكان قريبا من تفكير المواطن الأمريكي حسب ملاحظيه فعرف كيف يخاطبه لينال صوته مركزا على النقاط التي تثير اهتمام الراي العام الأمريكي مثل الإرهاب والإسلامفوبيا ومعاداة العرب والمسلمين والتعهد بمنعهم من دخول أمريكا و محاربة الهجرة غير الشرعية والتعهد بإلغاء الاتفاق مع ايران حول برنامجها النووي والانسحاب من بعض الاتفاقات الدولية معاهدة باريس للمناخ والشراكة عبر المحيط الهادي . فقد استغل ترمب الأوضاع الداخلية والدولية جيدا ولعب على عواطف الشعب الأمريكي الذي كان يشعر بتراجع بلاده وتعرضها لعدة أزمات مالية واقتصادية والتي حاولت قيادة العالم كقطب وحيد على اثر سقوط الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي وسقوط جدار برلين سنة 1990 ثم الحرب على العراق لتحرير الكويت سنة 1991و وفرض الحصار عليه قبل احتلاله سنة 2003 بذريعة وجود سلاح الدمار الشامل واحداث 11سبتمبر 2001 واعلان أمريكا الحرب على الإرهاب والتي قال عنها الرئيس جورج بوش الابن انها حرب صليبية فتم احتلال أفغانستانوالعراق وما نتج عنهما من خسائر مادية وبشرية لحقت بالجيوش الامريكية الغازية مما جعل الرئيس أوباما يتعهد بسحب تلك القوات وغلق سجن غوانتانامو الرهيب ونال جائزة نوبل للسلام مقابل ذلك لكنه لم يوقف الحرب فاستعمل الطائرات بدون طيار (الدرون) التي خلفت العديد من الضحايا المدنيين في أفغانستانوالعراق واليمن كما تدخل في سوريا تحت تسمية التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب والقضاء على داعش ناهيك عن الاضطرابات والحروب المستمرة في المنطقة العربية منذ 2011 بهدف اضعافها وتمزيقها وقد أدت الحملات الإعلامية ضد العرب والمسلمين المتهمين بالإرهاب والتطرف والعنف الى زرع الكراهية ضدهم في الغرب بما في ذلك الولاياتالمتحدةالامريكية وصعود اليمين المتطرف الذي ينتمي اليه الرئيس دونالد ترامب الذي شن حملة مكثفة على العرب والمسلمين مما سمح له باستقطاب نسبة كبيرة من الجمهور الأمريكي الذي صوت لصالحه اعتقادا منه ان أوباما الديمقراطي كان متسامحا معهم دون ان يعرف ان حروب الجمهوريين ( بوش وابنه) هي التي كبدت أمريكا الخسائر المادية والبشرية واغرقتها في الازمات المالية والاقتصادية وسمحت لدول أخرى بالظهور لمنافستها مثل روسيا والصين وحتى كوريا الشمالية لتذهب مقولة فوكوياما عن نهاية التاريخ ادراج الرياح في حين تحولت نظرية صراع الحضارات للمفكر الأمريكي صموئيل هنتغتون الى حرب على المسلمين والإسلام وقد جاء دونالد ترامب لتجسيدها بمساعدة فريق من الصهاينة بما فيهم زوج ابنته ومستشاره الخاص جاريد كوشنير الذي دفعه الى اعلان القدس عاصمة لإسرائيل ويعد معه صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية. * سياسة شرسة لا شك أن تولي رجل أعمال رئاسة أمريكا كان أمرا مفاجئا للمطلعين والمتابعين للسياسة الامريكية الذين كانوا يتوقعون سقوطه في الأدوار التمهيدية الأولى لكنه اسقط منافسيه الواحد تلو الاخر ولم يرحم المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي اعترفت بانها لم تكن في المستوى المطلوب ولعل عدم فوز امرأة بمنصب رئيس الجمهورية في هذا البلد الديمقراطي الكبير قبلها قد قلل من حظوظها فقد اعتادوا على الرجال فاختاروا ترامب رغم هفواته وسقطاته العديدة التي كان يتجاوزها بسرعة ويعوضها بالتواصل مع الشعب والقيام بمسيرات بدل الاستماع الى سبر الآراء عن طريق التلفزيون فهو رجل عملي وقد انفق القليل من المال مقابل المبالغ المالية الكبيرة التي انفقتها كلينتون على حملتها واستعمل ماله الخاص دون الاعتماد على التبرعات ورفض اخذ راتب شهري عن عمله في رئاسة أمريكا وما زالت الشكوك تحوم حوله فيما يخص اتصالات مسؤولي حملته الانتخابية مع روسيا المتهمة بالتدخل في الانتخابات الامريكية و تتحدث مصادر أمريكية عن احتمال إقالته قبل أن يكمل فترته الانتخابية نظرا لوجود معارضة قوية له من الشعب و حتى من الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه ومن الحزب الديمقراطي ويرجحون تولي هيلاري كلينتون المسؤولية خلفا له وكل الاحتمالات تظل قائمة حول هذه الشخصية الغريبة التي جمعت بين كل التناقضات وأثارت مخاوف في أمريكا وأوروبا التي تبدو غير راضية عن سياسته وتصريحاته العنصرية اتجاه الدول الافريقية وهايتي والسلفادور التي وصفها بالقذارة في إساءة واضحة