كان جمهور وهران أول أمس، على موعد مع الفرجة و الضحك، من خلال عرض الإنتاج الجديد لتعاونية مسرح الناس، و المتمثل في مونولوج "عدة زين الهدة " ، من تأليف مراد سنوسي و تمثيل و إخراج سمير بوعناني، و موسيقى توفيق بوملاح، المونولوج سجل عودة قوية على خشبة علولة، التي احتضنت عرضه العام في ماي الماضي، جاء هذا بعد سلسلة من العروض الناجحة عبر العديد من المسارح الوطنية. تمكن سمير بوعناني كالعادة، من صنع الفرجة على خشبة علولة على مدار 70 دقيقة من الزمن، من خلال هذا العمل المسرحي الفكاهي المتميز، الذي يسرد قصة شاب مهووس بالهجرة غير الشرعية أو ما يعرف ب "الحرقة"، حيث يسعى جاهدا إلى الالتحاق بالضفة الأخرى للبحر الأبيض المتوسط، طمعا في حياة أحسن و مستقبل أفضل، غير آبه بخطورة المغامرة، التي قد يلقى فيها حتفه في عرض البحر، فحبه للحياة يجعله يفكر في الحرقة لكن في ظروف جد مريحة، الأمر الذي يدفعه إلى اختيار باخرة سياحية، حتى يتجنب عناء و مشقة السفر أو بالأحرى المغامرة، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، دون أن يبلغ عدة الهدف الذي سطره منذ البداية، حيث يقع ما لم يكن في الحسبان، و يحدث أن تغرق الباخرة بمن عليها، و لم ينجوا من ركابها إلا عدة، و فتاة أخرى تدعى أحلام، حيث تتقاذفهما أمواج البحر، ليجدا نفسيهما في غابة معزولة، و بينما تحاول أحلام الاتصال لطلب النجدة، فإن عدة يقطع كل حبال التواصل مع العالم الخارجي، بعدما إختار البقاء في الغابة. يبدو أن "عدة زين الهدة " يسير على خطى "متزوج في عطلة"، هذا العرض الذي حقق نجاحا معتبرا داخل و خارج الوطن، و سجل إقبالا جماهيريا كبيرا على مدار عشر سنوات كاملة، من خلال الأداء المتميز و المقنع لسمير بوعناني، الذي إستعرض كالعادة قدراته الفنية على الخشبة في مونولوج "عدة زين الهدة"، من خلال تقمصه عدة شخصيات في آن واحد، بحركات متقنة، كما أظهر قدراته على ابراز الحالات النفسية لكل الشخصيات التي جسدها في هذا العرض، بطريقة عفوية دون تكلف أو تصنع، و هو ما جعل الجمهور يتجاوب معه إلى أبعد الحدود دون ملل، حيث كان يضحك في المشاهد الكوميدية و ما أكثرها، بل أنها استحوذت على مشاهد المونولوج، باعتبار أن الجمهور بحاجة ماسة للضحك و للترويح على النفس في زمننا هذا، في حين كان يلتزم الصمت و التركيز في المشاهد التي تتطلب ذلك، و هو ما جعله يحضر بقوة للاستمتاع بهذا العرض، ليبحر في أعماق معاناة ظاهرة في قالب كوميدي.