عندما قرر مارك التأسيس للفايس بوك لم يعتقد البتة أنه سيؤسس لدمار آخر بهذا الشكل و إن اختلفنا جميعا في كونه إيجابي في عديد المواقف و الأحايين، إلا أنه بالنسبة لعالم ثالث ننتمي و نموت ونسقط فيه و نكون فيه في المراتب الأخيرة هو الخراب بعينه مع بعض التحفظ . أنصار و فرق يسقطون و تسقط في فخ الافتراضية، فيتحول مناصر اسمه وصورته افتراضية إلى بطل قومي يدعو للعنف و ضرب الشقيق و الرفيق من زائري الفريق، و تلك بداية الحكاية فقط ...مئات بل ألاف المواقع و الحسابات و الصفحات و الصفعات متتابعة والكل يبحث عن شهرة افتراضية تصل أحيانا نصف مليون متابع و تزيد أحيانا ، غير أنها دائما ما تساهم في صنع العنف بطريقة أو بأخرى . الغريب و العجيب في الحكاية أن بعض الصفحات تسمي نفسها الرسمية لفريق كذا و صوت الفريق و أبناء النادي و تختلف و تتعدد الأسماء و الصفات، لكن بنفس الأداء المعتمد على الدعاية و الإشاعة و و الكذب أحيانا و البهتان كثيرا . في الصائفة تقام الحروب الافتراضية عن استقدامات اللاعبين و يتدخل البعض من المراهقين إن لم تكن الأغلبية في اختيارات الفرق و للأسف يسقط عديد الرؤساء و المدربين و المسيرين في فخ المواقع ، حتى أنني أعرف نوادي يسيرها الفايس بوك مباشرة و غيرها يغير فيها الفايس بوك المدرب، لأن الرئيس المغلوب على أمره يسمع بحرص لتعليقات الجمهور بين قوسين . يبدأ الموسم و تكثر التعليقات و المنشورات قبلها عن الرابطة المحترفة و الإتحادية و الفرق و البرمجة و الحكام ، فيتحول الفايس بوك إلى فضاء كبير القلب يسع الجميع من جهلاء و حمقى و أنصار أوفياء و عقلاء ...الخلطة السحرية تحضر في الموقع فتحول الرابطة إلى منحرفة و الاتحادية إلى هاوية و الفرق إلى مسخرة و البرمجة إلى سوء تسيير والحكام إلى مرتشين و إن اتفقنا أن ما يقال هو نصف الحقيقة، فإن النصف الأخر غائب و يغيب من منطلق أن فاقد الشيء لا يعطيه، والحال سيان في صحافتنا، لأننا رغم اجتهاداتنا قد نقع ضحية المصدر إن صدر لنا الخطأ. يتواصل الموسم بتعلقيات وحروب افتراضية تتحول ببساطة إلى اقتحام الملاعب و القذف و السب و الشتم و استعمال الأسلحة البيضاء خارج الملاعب و الجميع يشتكي من الجميع، لكن السؤال الصواب في اعتقادي " ألا يعرف الجميع الفئة القليلة التي تنشر البغضاء و تشعل حروب اليأس و الجهوية و العنف ؟ " . الجواب واضح سهل ممتنع و هو نعم ...تعرفونهم جميعا فلما لا تمنعوهم من حضور المباريات و دخول الملاعب، لما لا تحاصرونهم، مثلما يحدث في ملاعب العالم و مسارح أوروبا الكروية ؟، أين نحن و أنتم من الروح الرياضية و أين لجان الأنصار الحقيقية التي لا تتلون بمجرد وجبة غذاء، أم أنكم تتشدقون بالحضارة عندما تساعدكم و تنسونها عندما لا تليق بملابسكم ؟ ...للأسف مارك لم يكن يدرك أن نجاحه سيطال سب الأمهات و الآباء و الإخوة و الجيران، فكل ما تمناه أن يسيطر على العالم افتراضيا، لكنه وصل أبعد نقطة بجهل وغباء الكثيرين منا، ممن يمارسون الأنانية و يحسبون أنفسهم رجالا ونساء بمجرد الإخفاء وراء الفضاء الأزرق وتحويله إلى سواد .