مونولوج " عدة زين الهدة " هو آخر إنتاج لتعاونية " مسرح الناس" لوهران ،من تأليف الكاتب مراد سنوسي وأداء و إخراج الممثل سمير بوعناني . و يتجسد البناء الدرامي للعرض المونولوجي أو ما يطلق عليه ب " مسرح الشخص الواحد" ، في عنصر المتعة الكوميدية التي يجسدها الممثل من خلال حركاته و حواره على الخشبة ، ف "عدة زين الهدة " نقلت الصراع الذي يشهده الواقع إلى المتلقي عبر عرض كوميدي يطرح إشكالية " الحرقة " التي باتت تعصف بأغلب الشباب الجزائري، وبما أن المسرح هو تجسيد لواقع اجتماعي فإن العرض لم يخرج عن هذا السياق، وبالرغم من أن فكرة " الحرقة " مشكلة عويصة إلا أن الممثل جسدها في قالب فكاهي هادف . و تبدأ الحبكة الدرامية للعرض، عندما يستيقظ الشاب يجد نفسه على شاطئ البحر وحيدا، فيبدأ في البحث عن الأشخاص الذين كانوا معه، و فجأة يلتقي فتاة و يتطور الحوار بينها، ليكتشف أنها من المشاهير، وسرعان ما يكتشفان أنه لا مفر من البقاء في هذا المكان لأنهما معزولان عن العالم الخارجي ، وهنا تبدأ العقدة الدرامية بالبروز عندما يقنع وذلك الشاب للفتاة أنه شخص مسالم، وهي ترى فيه كل أشكال العنف خاصة عندما تعرف أن اسمه " عدة " فينقلب خوفها إلى احتقار . وظف الكاتب عدة شخصيات ،استطاع الممثل تقمصها بغية إيصال أفكاره للمتلقي، فزيادة عن الشخصيتين الرئيسيتين في المونولوج " عدة " والفتاة، فإن الممثل جسد أدوارا ثانوية مثل الأم وشقيقة الفتاة، حيث ارتدى في شخصية الأم " الحايك" تعبيرا عن اللباس الشعبي الوهراني ، في حين جسد شخصية شقيقة الفتاة من وراء الستار في مشهد موسيقي. كما استعمل المخرج إضاءة جانبية في بداية العرض، وكانت حركات الممثل في كل أرجاء الخشبة، إذ لم يترك مكانا فارغا إلا ولعب فيه خاصة في الوسط ، النقطة المركزية التي يستطيع الممثل من خلالها تمرير رسائله للجمهور، خاصة مع تقمصه للشخصيات الأخرى، كما استعمل المخرج الإضاءة البيضاء عبر كامل أرجاء القاعة حتى تُخرج المتلقي من سباته وتدخله في جو بهيج ، مع توظيف موسيقى حزينة وخيال "الظل" الذي عبر عن طبيعة المشهد عندما انقلب القارب ب " الحراقة" . كان العرض معبرا كونه جسد ظاهرة " الحرقة " التي أصبحت واقعا أليما، حيث استطاع الثنائي المسرحي تجسيدها على الركح بعناصر جمالية وفكاهية أبهرت المتلقي بكل ما تحمله الكلمة من معنى.