التقيته صدفة في معرض تونس الدولي للكتاب 34، توفيق فياض الأديب والمناضل الفلسطيني، متكئ على عصاه، لا تنتهي حكاياه عن الصمود وعن الثورة الفلسطينية وعن أدب الصمود الفلسطيني، وعن الثورة الفلسطينية والثورات التي انتصرت، ومنها الثورتين الجزائرية والفيتنامية، حكاياه لا تنتهي عن سنوات السبعينات والثمانينات بدمشق عاصمة الجمال والعطور والحكايا الثورية،، عاصمة التقاء العرب جميعهم، عاصمة لم الشمل الثقافي، العاصمة التي جامعتها مفتوحة ذراعيها للجميع، حكايات لا تنتهي ولا تبلى أبدا في مخيلة هذا الشيخ الأديب، سنوات العمر الطويلة التي قضاها ها هناك مايزال يعيشها بتفاصيلها الدقيقة،،بكل ما تحمل من جمال ورونق وعطور وكتابات شعرية وقصصية وروائية، بكل ما تحمل من سهرات فنية هنا وهناك. يبتسم وهو يحدثك عن أول لقاء له مع الشباب الجزائري المتواجد آنذاك بدمشق لإتمام الدراسات العليا، يحكي بالحرقة، حرقة الزمن والبعد، والشتات، حرقة الحب الذي استوطنه وهو يجوب عواصم العالم بحثا عن استقرار،حدثني، بعشق وبحب كبير للجزائر،، حدثني عن جواز سفره الجزائري الذي انتهت صلاحيته منذ أكثر من ثلاثين سنة ولايزال يحتفظ به، عل وعسى،، أن يجدده ذات يوم،، ويرفع به غبن الحدود المشددة بين عواصم ما كان لها أن تشدد. حدثني عن كتاباته الأولى وكيف استطاع أن يشق طريقه وأن يصنع له اسما بين أسماء الكتاب الفلسطينيين والعرب، من فدوى إلى سميح إلى محمود.. إلى.. وبين كتاب وموسيقيي الزمن العربي الجميل من فيروز إلى مارسيل. حدثني، بحزن شديد، كيف أخطأت الرصاصة جسمه واستقرت في جسم لينا رفيقة دربه، بحزن كبير كبر الغربة وكبر غياب الوطن الطويل الطويل...يتكئ على عصاه، يخرج آلة قياس السكر في الدم التي لا تفارقه، قال لي يعجبني كاتبكم الجزائري الكبير واسيني لعرج وزوجته الشاعرة الكبيرة زينب،،، إنه يذكرني في كل مرة وهو الذي يقول عني [لولا توفيق فياض ما كنت لأصير كاتبا]،، وسرد لي حكايته مع الشاب واسيني لعرج، قال : كان شابا طموحا قادما على التو من الجزائر، التقيت به صدفة خلال نشاط أدبي ثقافي بدمشق في سنة 1978، -إن لم تخني الذاكرة-، وبعد النشاط قلت للنظمين الذين كانوا دعوني لحضور هذا النشاط، إنني سأذهب مع هذه [العصابة] يضحك، طبعا يقصد واسيني وزينب وأمين وربيعة. بخجل المثقف المبتدئ قدم لي واسيني أول عمل له مطبوع على آلة الرونيو.. طلب رأيي فيه...أخذت النص معي إلى بيروت، وهناك عند دار الطباعة التي كانت ستنشر لي رواية، التمست من صاحبها الذي كان صديقا لي، طلبت منه سحب نصي وتعويضه بنص واسيني. وبعد مدة ليست طويلة طبعت أول عمل للكاتب الجزائري واسيني الأعرج، وكم كانت المفاجأة كبيرة على واسيني. هي ذي قصتي مع الكاتب الرائع واسيني لعرج. ومن يومها لم ينقطع تواصلنا. هو ذا الكاتب المبدع توفيق فياض .. فيض من المشاعر والحب تجاه الجزائر.