"أبو جابر الخليلي" هو عنوان المونودراما التي احتضنتها سهرة أوّل أمس قاعة "الموفار"، وكان سفير الفن الرابع الفلسطيني إلى "الجزائر عاصمة الثقافة العربية"، فحمل الخليلي همّ القضية الفلسطينية وجاب بها أصقاع العالم وها هو يحطّ بالجزائر· العمل المسرحي الذي قدّمه وأخرجه الفنان كامل الباشا عن قصة الأديب توفيق فياض، ويقوم بتمثيله الفنان عماد مزعرو، يقدّم قصة إنسان شعبي مقدسي، عاش في القدس القديمة زمن الإنتداب البريطاني، وفي العهد الأردني، وبعد وقوع المدينة تحت الإحتلال الإسرائيلي في حرب جوان 1967 مباشرة، وبطل المسرحية " أبو جابر الخليلي" عمل زمن الأردن في شرطة التحرير، كان مخلصا في عمله لكن الضابط وجّه له تهمة الإنتماء لحركة القوميين العرب، وفصله من عمله، وذلك انتقاما منه بعد أن رآه أبو جابر في موقف لا أخلاقي، وقدّم به تقريرا، وبعد وقوع المدينة تحت الإحتلال الإسرائيلي اعتقله الإسرائيليون، وعذّبوه على نفس الملف الأردني· أبو جابر أحد حرّاس المدينة يجوب شوارعها وطرقاتها التي يعرفها عن ظاهر قلب، فهاله ما رأى فيها من انتشار للرذيلة، من مخدرات ودعارة وشذوذ جنسي، حتى أنّ شارع الزهراء المعروف حاليا، والذي كان اسمه شارع بورسعيد قبل الإحتلال انتشرت فيه الحانات، وراجت فيه الرذيلة، كما أنّ أسواق وأزقة القدس القديمة أصبحت مرتعا لمتعاطي ومروجي المخدرات والمومسات والشاذين جنسيا، والفلسطينيون كانوا في حالة صدمة وذهول من هول الهزيمة التي تعرّضوا هم وأمّتهم لها · الإنسان البسيط لم يتركه المحتلون يعيش ويحقّق أحلامه البسيطة بهدوء، فقد تعرّض للإعتقال والتعذيب بدون سبب، وتعرّض للإهانات والمس بكرامته بدون سبب أيضا، إنّه في ضغط دائم، مما دفعه إلى الإنفجار، دون أن تحدّد المسرحية أيّ الطرق سلك في رفضه للواقع الذي يعيشه والمحرض له طبعا هو الإحتلال، وشخصية أبو جابر تنهض من برزخها لتروي لنا قصتها، أنه ينهض من الموت ليقول الحكاية التي عاشها في بداية سقوط المدينة المقدسة تحت الإحتلال· عمد المخرج كامل الباشا الذي أعد النص المسرحي عن قصة الأديب توفيق فياض، أن يرسم في هذا العمل موقفا إنسانيا لحياة المقدسيين الفلسطينيين في بداية الإحتلال، ليطلق بطريقة غير مباشرة صرخة تحذيرية مدوية تقول "إن الضغط يولّد الإنفجار" ويبدو أنه استفاد من أحداث سنوات الإحتلال الطويلة، والتي رافقتها انفجارات كثيرة ومؤلمة لطرفي الصراع· الفنان عماد مزعرو من مواليد القدس عام 1958، تلقى العديد من الدورات المتخصّصة في المسرح والمكياج وصناعة الأقنعة والدمى، بدأ العمل في المسرح العام عام 1974، وأسّس العديد من الفرق المسرحية وشارك في مهرجانات محلية وعربية وعالمية، وله العديد من الأعمال المسرحية منها :"المهرّج"، "مذكرات مجنون" و" هبوط اضطراري" وغيرها·