غيّرت التفاعلية الرقمية الفضاء المسرحي حتى أحالته من فضاء متماسك بدواعي المكان وامتيازاته الحدية الثابتة إلى فضاء ذي سيولة متغيرة غير متماسكة . وان تلك السيولة منطوية على اللاحد الزماني فيها . إذ أدت الأساليب التفاعلية للتواصل ضمن الثقافة الرقمية والسعي نحو فكرة السيولة المتغيرة إلى ظهور فضاء مسرحي يتقبل تلك الصفة مع الإبقاء على التفاعل بين المتلقي والمحيط مما يجعل ذلك من التفاعلية جانبا مهما من التقنية الرقمية المعاصرة وعليه يمكن تحديد محورين للعمل في انتاج ذلك الفضاء بما يتمتع به من سيولة على نحو : المحور الأول : ويمثل التفاعل المادي بين المصمم والفضاء المسرحي الجديد, وهذا المستوى يمثل عمليات تشكل الفضاء المسرحي بتأثير المصمم ضمن بيئته المحيطة وصولا الى المتلقي . المحور الثاني ويمثل التفاعل بين المصمم والكمبيوتر لإنتاج أشكال تصميمية إبداعية متعددة. لذلك فالتفاعلية تمثل الأنموذج الفكري التقني المستقبلي والتي تحدد للفضاء المسرحي الجديد وضعا جماليا يتماثل مع ما أحدثته الرقمية من تأثير على المجتمع بأكمله. لذلك يرى الباحث بأن للتفاعلية الرقمية ثلاث مستويات تتمثل في : التفاعلية المادية: وهي أولى تلك المستويات وأكثرها تعقيدا والتي تشير إلى تعديل بنية الفضاء المسرحي الافتراضي وفقا للمتغيرات الشعورية والحسية للمتلقي. الجمع بين الواقعية والافتراضية: وهو المستوى الثاني الذي يمثل قدرة المصمم للجمع بين الواقع والافتراض لتشكيل فضاء جديد يتأسس على فكرة المحاكاة الرقمية للواقع الحقيقي. التفاعل ضمن عملية التصميم: ويمثل هذا المستوى أهم المستويات وذلك من خلال إبداع المصمم لأسلوب متعدد يكون ذا سيولة متعددة لتحقيق أفضل تصميم ممكن ولكل ظرف مقترح لأي عرض مسرحي. يتضح مما تقدم بان التفاعلية في العرض المسرحي تؤكد على أهمية الترابط ما بين العالم الحقيقي والفضاء المسرحي الافتراضي القائم على القاعدة الرقمية الوسيطة وبالتالي فان المستويات الثلاث هذه تؤكد على الاعتماد على البرمجيات المتعددة وما لها من تأثير على الجانب المادي من الفضاء المسرحي ودورها بعملية دفع المصممين نحو المجال الافتراضي الرقمي والإفادة منه لأجل تحقيق جماليات جديدة في العروض المسرحية المعاصرة.