«ظاهرة العنف اللفظي في الملاعب ظاهرة طبيعة اجتماعية تعكس حقيقة المجتمعات و سلوكاتها ، فالمتتبع للأحداث سيجد أن هذه الظاهرة تعددت وتنوعت عبر مختلف الملاعب ، نالت منها في السنوات الّأخيرة ملاعب الوطن حصة الأسد و سيطر العنف على كل ملاعبها وأصبحت عبارة عن حلبات لتصفية الحسابات واستعمال كل أشكال العنف خاصة الجسدية ، و أصبحت من بين أبرز الظواهر الاجتماعية والتي تدخل فيها عدة متغيرات، وهي ليست حديثة في المجال الرياضي ، لكن تجددت وتعددت مظاهرها وأشكالها، ولعل هذا العنف اللفظي الممارس زاد من حدة الإحتقان خاصة في زعزعة استقرار العلاقات الإجتماعية و تدهورها مع الوقت بين أبناء الوطن الواحد وبالتالي فالسب، الكلام السيئ ، الملاسنات وحتى شتم أمهات اللاعبين كلها أوصاف لظاهرة خطيرة اجتاحت الملاعب الوطنية، و مما زاد من حدة وشدة هذه الظاهرة هي انتقالها من الجماهير إلى رؤساء ومسؤولي الفرق , حيث أصبحت وسائل الإعلام مصدرا لنقل هذه التصريحات و الشتائم والألفاظ البذيئة خاصة بين رؤساء الفرق إذ بدى جليا و واضحا في الآونة الاخيرة من خلال ارتفاع نسبة العنف بجميع ملاعب الوطن وقد يرجع ذلك بالدرجة الأولى إلى قلة الوعي والثقافة الرياضية إضافة إلى العنصرية المقيتة بين هؤلاء المسؤولين زد على ذلك التعصب المفرط الذي يتجاوز حدود و أساسيات الرياضة بصفة عامة وكرة القدم بصفة خاصة إضافة إلى الدور السلبي الذي تلعبه وسائل الإعلام كما أن الجانب المادي سيطر على الجانب الأخلاقي ، مما جعل هذه السلوكيات في تزايد وهذا راجع إلى عدم أخذ الأمر بجدية من جميع الفاعلين أو حتى على الأقل العمل على الحد من إنتشاره مشوهين صورة كرة القدم ، فأصبحت هذه الرياضة لعبة في أيادي متهورة مما أصبحت تؤسس لمفاهيم جديدة كمفهوم الطائفية الرياضية. وبالتالي يمكننا أن نقول أن العنف في الملاعب الرياضية وخارجها، ظاهرة معقدة تتطلب مقاربة شمولية لتطويقها، أو على الأقل للحد من تداعياتها، فمواجهتها تتطلب اتخاذ إجراءات قانونية، أمنية، تقنية، إجرائية وحتى اجتماعية، زد إلى ذلك العمل على التنسيق و الجرأة للإحاطة بكل الأبعاد المرتبطة بهذه الظاهرة، كما يجب الإقرار بأن الشغب أصبح ظاهرة ملازمة للفعل الرياضي وليست ظاهرة عابرة وبالتالي من غير المعقول حاليا التركيز على المقاربة الأمنية، بل بالتعاطي مع الظاهرة من خلال مقاربة شمولية وتشاركية ينخرط فيها الجميع» .